للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

................................................................


= فلماذا ألفه إذاً إذا كان لا يرى جواز التصحيح في هذه الأعصار؟ جواز ذلك لما ألّف للناس كتاباً يعلمهم سبيل التصحيح والتحسين والحكم على الأحاديث بما تستحق.
ثم رأيت أبا الحارث علي بن حسن الحلبي - حفظه الله - يقول: ((كلام ابن الصلاح يفهم منه التعسير لا مطلق المنع)) كما في حاشية " الباعث " ١/ ١١٢ ط دار العاصمة، ولم يذكر دليله على ذلك.
هذا وقد استشكل قول ابن الصلاح - رحمه الله -: ((فآل الأمر في معرفة الصحيح والحسن، إلى الاعتماد على ما نصّ عليه أئمة الحديث في تصانيفهم المعتمدة المشهورة التي يؤمن فيها، لشهرتها، من التغيير والتحريف)).
فقال ابن حجر في " النكت " ١/ ٢٧٠: (( ... فيه نظر؛ لأنّه يشعر بالاقتصار على ما يوجد منصوصاً على صحته وردّ ما جمع شروط الصحة إذا لم يوجد النص على صحته من الأئمة المتقدمين ... الخ)).
وقال أيضاً ١/ ٢٧١: ((كلامه (يعني: ابن الصلاح) يقتضي الحكم بصحة ما نقل عن الأئمة المتقدّمين فيما حكموا بصحته في كتبهم المعتمدة المشهورة والطريق التي وصل إلينا بها كلامهم على الحديث بالصحة وغيرها هي الطريق التي وصلت إلينا بها أحاديثهم، فإن أفاد الإسناد صحة المقالة عنهم، فليفد الصحة بأنّهم حدّثوا بذلك الحديث ويبقى النظر إنما هو في الرجال الذين فوقهم، وأكثر رجال الصحيح كما سنقرره)). أهـ.
وحمله الدكتور المليباري - حفظه الله - في كتابه " تصحيح الحديث " (٢٦) على أنّ معناه: ((معرفة صحة أو حسن أحاديث الأجزاء ونحوها، وليس مطلق الأحاديث)).
ثم عاد فقال (ص ٢٩): ((على أنّ الأمر إذا لم يكن كما ذكرناه سابقاً فلا يخلو قوله: (فآل الأمر إذاً في معرفة الصحيح والحسن إلى الاعتماد على ما نصّ عليه أئمة الحديث في تصانيفهم المعتمدة المشهورة التي يؤمن فيها لشهرتها من التغيير والتحريف) من تناقض صريح، كما بينه الحافظ ابن حجر ... الخ)). أ. هـ‍.
والظاهر أنّ مراد ابن الصلاح من قوله: ((فآل الأمر إذاً في معرفة الصحيح والحسن ... الخ)) مطلق الأحاديث.
ويكون قوله: ((إلى الاعتماد على ما نصّ عليه أئمة الحديث في تصانيفهم)) بمعنى ما ذكره أئمة الحديث في تصانيفهم المعتمدة، لا ما نصّوا على صحته أو حسنه ويؤيده أنه عطف على كلامه هذا قوله: ((وصار معظم المقصود بما يتداول من الأسانيد خارجاً عن ذلك، إبقاء سلسلة الإسناد ... الخ))، فالمراد معظم المقصود بما يتداول من الأسانيد خارجاً عن المصّنفات المعتمدة، ويحتمل أن يعود الضمير إلى أبعد مذكور وهو قوله: ((إلى الاعتماد على ما نصّ عليه أئمة الحديث، وهذا يحتاج إلى قرينة ومع ذلك لا يستقيم عود الضمير على قوله: ((ما نصّ عليه أئمة الحديث)) إلا بالمعنى المذكور هنا من تفسير ((النصّ)) هنا بمعنى ذكر الأسانيد في مصنفاتهم لا بمعنى ((النصّ)) على الصحة أو الحسن، إذ لم يقل أحد بأنّ ما ورد في الكتب المعتمدة كالسّنن وغيرها مما لم ينصّ على صحته إنّما يتداول من أجل إبقاء سلسلة الإسناد التي خصّت بها هذه الأمة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>