للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى قَالَ النَّاظِمُ (١): ((ليسَ عِنْدَهُ بَعْدَ مُقدِّمةِ الكتابِ حديثٌ لَمْ يُوصلْهُ فِيهِ سِوى موضعٍ واحدٍ في التيمُّمِ، وَهُوَ حَدِيثُ أبي الجُهَيْمِ (٢) بنِ الحارِثِ بنِ الصِّمَّةِ (٣): ((أقْبَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ (٤) ... الحَدِيثَ)).

قَالَ فِيهِ مسلمٌ: ((وروى اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ)) (٥)، ولم يُوصِلْ إسنادَهُ إلى اللَّيْثِ، وَقَدْ أسندَهُ البُخَارِيُّ عَنْ يحيى بنِ بُكَيْرٍ عَنْ اللَّيْثِ (٦).

(فإنْ يَجْزِمْ): المُعُلِّقُ (٧) منها بشيءٍ من ذَلِكَ، ك‍: ((قَالَ)) و ((ذَكَرَ)) و ((زادَ)) و ((رَوَى)) فلانٌ (فَصَحِّحْ) (٨) أنتَ عمَّنْ علَّقَهُ عَنْهُ؛ فإنَّ مُعَلِّقَهُ لا يستجيزُ إطلاقَهُ، إلاَّ وَقَدْ صَحَّ عِنْدَهُ عَنْهُ (٩).

(أَوْ) لَمْ يجزم بِهِ، بَلْ (وَرَدْ مُمَرَّضاً فَلا) تُصَحِّحْهُ عَملاً بِظاهِر الصِّيْغةِ، ولأنَّ استعمالَها في الضَّعيفِ أكثرُ مِنْهُ في الصحيحِ (١٠).

وَحَمَلَ ابنُ الصَّلاح قولَ البُخَارِيِّ: ((مَا أَدْخلتُ فِي كِتَابِي الجامِع إلاَّ مَا صَحَّ)) (١١)، وقولُ الأئِمَّةِ: ((مَا فِيهِ مَحكومٌ بِصحَّتِهِ)) عَلَى أنَّ المُرادَ مَقاصدُ الكتابِ ومَوْضُوعُهُ، ومتُونُ الأبوابِ، دُوْنَ التَّراجِمِ ونحوِها (١٢).


(١) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٥٩ - ١٦٠.
(٢) في (م): ((الجهم)). ويجوز فيه الوجهان، انظر: تهذيب التهذيب ١٢/ ٦١.
(٣) بكسر المهملة وتشديد الميم. التقريب (٨٠٢٥).
(٤) موضع في المدينة. انظر: معجم البلدان ١/ ٢٩٩.
(٥) صحيح مسلم ١/ ١٩٤ (٣٦٩).
(٦) صحيح البخاريّ ١/ ٩٢ عقب (٣٣٧).
(٧) في (م): ((أي المعلق)).
(٨) في (ق) و (م): ((فصححه)).
(٩) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٦١.
(١٠) المصدر السابق.
(١١) معرفة أنواع علم الحديث: ١٠٥.
(١٢) المصدر السابق.
قلنا: هذا كلام صحيح، فالمحكوم بصحته هو ما روي بالسند المتصل، أما ما ذكر تعليقاً فهو ليس من نمط الصحيح كما سبق بيان ذلك، ولكن هنا مسألة ينبغي التنبيه عليها، وهي أنّه قد تتابع الذين كتبوا في المصطلح، على أن ما ذكره البخاري بصيغة الجزم صحيح إلى من علّقه إليه، ويبقى النظر فيمن أبرز من=

<<  <  ج: ص:  >  >>