للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَإنْ يُقَلْ) (١)، فِيْمَا مَرَّ: من أنَّ الحَسَنَ لغيرِهِ يُكْتَفَى فِيهِ بكونِ راويهِ غيرَ متَّهَمٍ، وفي عَاضِدِه بكونِه مِثْلَه، مَعَ أنَّ كلاً مِنْهُمَا ضَعِيْفٌ، لا يُحتجُّ بِهِ: كيفَ (يُحْتَجُّ بِالضَّعِيفِ) إذَا انضمَ إِليهِ ضَعِيْفٌ مَعَ اشتراطِهِم الثِّقةَ في القَبولِ؟

(فَقُلْ): لا مانِعَ مِنْهُ؛ لأنَّ الحديثَ (إذَا كَانَ مِنَ الموْصُوفِ رُوَاتُهُ) واحدٌ أَوْ أكثرُ (بِسُوْءِ حِفْظٍ) أَوْ باختلاطٍ، أَوْ بتدليسٍ، مَعَ اتِّصافِهم بالصِّدقِ والدِّيانةِ، (يُجْبَرُ بكَونِهِ مِنْ غيرِ وجهٍ يُذْكَرُ) فانجبرَ لاكتسابهِ من الهيئةِ المجموعةِ قوةً (٢)، كما في الصَّحِيحِ لغيرِه الآتي بيانُه.

ولأنَّ الحكمَ عَلَيْهِ بالضَّعْفِ إنَّما كَانَ لاحتمالِ ما يمنعُ القُبولَ، فلمَّا جاءَ العاضدُ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ زوالُ ذَلِكَ الاحتمالِ.

وليسَ هَذَا مِثْلُ شهادةِ غيرِ عدلٍ، انضمَّ إليها شهادةُ مثلِهِ؛ لأنَّ بابَ الشهادةِ أضيقُ من بابِ الروايةِ.

(وإنْ يَكُنْ) ضَعْفُهُ (لِكَذبٍ) في راوِيهِ، (أَوْ شَذَّا) أي: أَوْ شذوذٍ في روايتِه

(أَوْ قَوِيَ الضَّعْفُ) بشيءٍ آخرَ، مما يقتضي الرَّدَّ، (فَلَمْ يُجبَرْ ذَا) أي الضَّعفُ بوجهٍ آخرَ، وإن كَثُرَتْ (٣) طُرُقُهُ.

كحديثِ: ((مَنْ حَفِظَ عَلَى أمَّتِيْ أرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً مِنْ أمْرِ دِيْنِهَا، بَعَثَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيْ زُمْرَةِ الفُقَهَاءِ والعُلَمَاءِ)) (٤).


(١) المثبت من أصولنا ومن متن الألفية، وفي (م): ((قيل)).
(٢) انظر: النزهة: ٩٢.
(٣) المثبت من (ق) و (ع) و (ص): وفي (م): ((قويت)).
(٤) العلل المتناهية ١/ ١١٩، والتذكرة للزركشي ٢/ ١٨٨٥، والدرر المنتثرة ١/ ٣٨٧، وجاء في نسخة (ق) تعليقة للعلاّمة الآلوسي، قال فيها: ((هكذا روي عن عليّ - رضي الله عنه -، وفي رواية بعثه الله فقيهاً عالماً، وفي رواية أبي الدرداء ((وكنت له يوم القيامة شافعاً وشهيداً))، وفي رواية ابن مسعود: ((وقيل له ادخل من أي أبواب الجنة شئت))، وفي رواية ابن عمر ((كتب في زمرة العلماء وحشر في زمرة الشهداء)) كذا ذكره بعض المحدّثين، وفي بعض الروايات نوع تخالف وقد يجمع باختلاف المراتب فتدبر)).

<<  <  ج: ص:  >  >>