للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولُهُ: بعضُها أصحُّ من بعضٍ، فإنَّه يُشيرُ إلى القَدْرِ المُشْتَرَكِ بَيْنَهُما، كَما (١) تَقْتَضيهِ صيغةُ أفعلَ في الأكثرِ، (يَحْكِي مُسْلِما) أي: يُشْبِه قولَهُ، (حَيثُ يَقُولُ) أي: مُسلمٌ في " صحيحِه " (٢): (جملةُ الصَّحِيحِ لا تُوجَدُ عِنْدَ) الإمامِ (مَالِكٍ، والنُّبلا (٣)) أي: الفُضلاءِ، كشُعبةَ، والثوريِّ.

٧٢ - فَاحْتَاجَ أنْ يَنْزِلَ في الإسْنَادِ ... إلى (يَزيْدَ بنِ أبي زيَادِ)

٧٣ - وَنَحْوِهِ، وإنْ يَكُنْ ذُو السَّبْقِ ... قَدْ فَاتَهُ، أدْرَكَ بِاسْمِ الصِّدْقِ

٧٤ - هَلاَّ قَضَى عَلَى كِتَابِ (مُسْلِمِ) ... بِمَا قَضَى عَلَيْهِ بِالتَّحَكُّمِ

(فَاحْتَاجَ) أي: مسلمٌ (أَنْ يَنْزِلَ في الإسْنَادِ)، عَنْ حَدِيثِ أهلِ الطَّبقَةِ الْعُليا في الحفظِ والإتقان، (إلى) حديثِ مَنْ يَلِيْهِم في ذَلِكَ، كحديثِ (يزيدَ بنِ أبي زيادِ، ونحوِهِ)، ك‍: ليثِ بنِ أبي سُلَيْمٍ، وعطاءِ بنِ السَّائبِ (٤).

(وإنْ يَكُنْ ذُو) أي: صاحبُ (السَّبْقِ) في الحفظِ والإتقانِ، كمالكٍ (٥) (قَدْ فَاتَهُ) أي: سَبَقَ بهما يزيدَ - مثلاً - فَقَدْ (أَدْرَكَ) أي: لحِقَه المسْبُوقُ (بِاسْمِ الصِّدْقِ)، والعدالةِ. فالضميرُ في ((فَاتَهُ)) عائدٌ لمَنْ ذُكِرَ من يزيدَ، ونحوِهِ، ويجوزُ عودُه لمسلمٍ.

أي: وإنْ يكنْ قَدْ فاتَ مسلماً الأخْذُ عَنْ ذي السَّبْقِ، لكونِ أحدِهما لَمْ يَسمعْ ذَلِكَ الحديثَ، فَقَدْ أدركَ غَرَضَهُ بالأخذِ عمَّنْ شارَكَ ذا السبقِ في اسمِ الصِّدقِ والعدالةِ.

فمعنى كلامِ مسلمٍ، وأبي داودَ واحدٌ، غَيْرَ أنَّ مسلماً اشترطَ الصَّحِيحَ، فاجتنبَ حديثَ الطَّبَقَةِ الثالثةِ، وَهُوَ الضَّعِيفُ الواهي، وأتى بالقسمينِ الأخيرين؛ وأبا داودَ لَمْ يشترطْهُ، فذكرَ ما يشتدُّ وَهْنُه عندَهُ، والتزمَ بيانَهُ (٦).


(١) في (ص): ((لما)).
(٢) صحيح مسلم ١/ ٥ - ٦ (ط عبد الباقي).
(٣) في (م): ((النبلاء)) بتجويد الهمزة، خطأ.
(٤) شرح ألفية العراقي للسيوطي: ١٣٤.
(٥) المصدر السابق.
(٦) انظر: شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢٠٠ - ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>