للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرَّقَ النَّاظِمُ (١) بينَهُما، وبينَ مَا قبلَهُما (٢) مِن صِيَغِ (٣) هَذَا الفرعِ، بأنَّ

((يرفعُ الحديثَ)) تصريحٌ بالرفعِ (٤)، وقريبٌ مِنْهُ بقيَّةُ الألفاظِ، بخلافِ ((من السُّنَّةِ))؛ لاحتمالِ إرادةِ سنَّةِ الخلفاءِ الراشدينِ، وسُنةِ البلدِ، وهذا الاحتمالُ، وإنْ قِيلَ بِهِ في الصَّحَابيِّ، فَهُوَ في التَّابِعيِّ أقْوى، كَمَا لا يَخْفَى.

نَعَمْ، ألْحَقَ الشَّافِعيُّ في " الأُمِّ " بالصَّحَابيِّ سعيدَ بنَ المسيِّبِ في قولِهِ: ((من السُّنَّةِ))، فيحتملُ أنَّهُ مستثنىً مِنَ التَّابعينَ (٥).

والظّاهِرُ: حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا اعْتَضدَ بِغيرِهِ، كنَظيرِه في مُرْسَلِهِ، كَمَا سَيأْتِي بيانُه في المُرْسَلِ.

أَمَّا إذَا قَالَ التَّابِعيُّ: ((كُنَّا نفعلُ كَذَا، أَوْ نحوَهُ)) فَلَيسَ بمرفوعٍ قَطْعاً، ولا بموقوفٍ إن لَمْ يُضِفْهُ إلى زمنِ الصَّحَابَةِ، بَلْ مَقْطُوْعٌ، فإنْ أضافَهُ احتملَ الوقْفَ (٦) وَعَدمَهُ.

(وَذُو احْتِمالِ) للإرسالِ، والوقفِ (نحوُ أُمِرْنَا) بِكَذا، كأُمِرَ فُلاَنٌ بِكَذا، إذَا أتى (مِنْهُ) أي: مِنَ التَّابِعيِّ، (لِلغَزاليْ) في " المُسْتَصْفَى " وَلَمْ يُصرِّحْ بِترجيحِ واحدٍ مِنْهُمَا، وَلكنْ يُؤخذُ مِن كلامٍ ذَكرَهُ عَقِبَ ذَلِكَ، ترجيحُ أنَّه مرسلٌ مَرْفُوْعٌ (٧).

وَجزمَ ابنُ الصَّبَّاغِ في " العُدَّة " بأنَّهُ مُرسلٌ، وَحَكى فِي حُجَّيةِ مَا يأتِي بِهِ سَعيدُ بنُ المسيِّبِ مِن ذَلِكَ وجهينِ (٨).


(١) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢٤٩.
(٢) في (ص) و (ق): ((قبلها)).
(٣) في (ق): ((صنيع)).
(٤) انظر: فائدة ذكرها البقاعي في النكت الوفية: ١٠٧/ أ - ب.
(٥) انظر: البحر المحيط ٤/ ٣٧٨.
(٦) في (ق): ((الوقوف)).
(٧) قال الإمام العراقي في شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢٤٩ - ٢٥٠: ((وإذا قال التابعيّ: أمرنا بكذا، ونحوه، فهل يكون موقوفاً، أو مرفوعاً مرسلاً؟ فيه احتمالان لأبي حامد الغزالي في المستصفى ولم يرجح واحداً من الاحتمالين. وجزم ابن الصباغ في " العدة " بأنه مرسل))، قلنا: انظر: المستصفى ١/ ١٣١.
(٨) انظر شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٢٥٠، والبحر المحيط ٤/ ٣٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>