للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغشِّ (١).

وَقِيلَ: يُقبل مُطلقاً، كالمُرْسَلِ عِنْدَ مَنْ يَحْتَجُّ بِهِ (٢)، وَقِيلَ: إن لَمْ يدلِّسْ إلاَّ عَنْ الثِّقاتِ - كسُفْيِانَ بنِ عُيَيْنَةَ - قُبِلَ، وإلاّ فَلاَ، وَقِيلَ: إن نَدَرَ تدليسُه قُبِلَ، وإلاّ فَلاَ.

(والأكْثَروْنَ) مِنَ المُحدِّثينَ والْفُقهاءِ والأصوليينَ، ومِنْهُم الإمامُ الشَّافِعيُّ (٣) رحمَهُ اللهُ (قَبِلُوْا) مِن حَدِيثِهِم (مَا صَرَّحَا) بألفِ الإطلاقِ، (ثِقَاتُهُمْ بِوَصْلِهِ)، ك‍: سَمِعْتُ، وَحَدَّثَنَا (٤).

لأنَّ التَّدْلِيْسَ لَيْسَ كَذِباً، وإنَّما هُوَ تَحسينٌ لِظاهرِ الإسنادِ، وَضَرْبٌ مِنَ الإيهامِ بِلَفْظٍ مُحتملٍ، فإذا صَرَّحَ بوصْلِهِ، قُبِلَ (٥).

(وَصُحِّحَا) بِبِنَائِهِ لِلمَفْعُولِ - أي: هَذَا القولُ، ومِمَّنْ صَحَّحهُ: الخطيبُ (٦)، وابنُ الصَّلاحِ (٧)، لَكنَّهُ لَمْ يعزُه للأكثرينَ، فعزوهُ لَهُم مِن زيادةِ النَّاظِمِ، وَحَكاهُ عَنْ شيخِهِ أبي سعيدٍ العَلاَئِيِّ (٨).


(١) فتح المغيث ١/ ٢٠٢.
(٢) الكفاية: (٥١٥ ت، ٣٦١ هـ‍).
(٣) حكاه أبو سعيد العلائي في جامع التحصيل: ٩٨.
(٤) انظر: معرفة أنواع علم الحديث: ١٩٠.
قلنا: الذي صححه المصنف هو الصّحيح؛ لأن التّدليس ليس كذباً، وإنما هو تحسين لظاهر الإسناد، وضربٌ من الإيهام بلفظٍ محتمل، فإذا صرح قبلوه، واحتجوا به ورد ما أتى فيه باللفظ المحتمل، وممن صححه ابن سعد، والخطيب، وابن عبد البر، وابن الصّلاح، والعلائي، وابن حجر، والسخاوي وهو قول الجماهير، انظر: الرسالة ٣٨٠ (١٠٣٥)، وطبقات ابن سعد ٧/ ٣١٣، والكفاية: (٥١٥ت، ٣٦١ هـ‍)، والتمهيد ١/ ١٣، ومعرفة أنواع علم الحديث: ١٩٠، وجامع التحصيل ١١٢، وفتح المغيث ١/ ١٧٥.
(٥) قال الإمام الشافعي في الرسالة (١٠١١ - ١١٣٥): ((وأقبل الحديث: حدّثني فلان عن فلان، إذا لم يكن مدلساً ... ، ومن عرفناه دلّس مرّةً فقد أبان لنا عورته في روايته وليست تلك العورة بالكذب فنردّ بها حديثه، ولا النصيحة في الصدق فنقبل منه ما قبلنا من أهل النصيحة في الصدق، فقلنا: لا نقبل من مدلسٍ حديثاً، حتى يقول فيه: حدثني، أو سمعت)). (ونقله عنه البيهقي في " معرفة السنن والآثار " ١/ ٤٢).
(٦) الكفاية: (٥١٥ ت، ٣٦١ هـ‍).
(٧) معرفة أنواع علم الحديث: ١٨٧.
(٨) قال الحافظ العراقي في شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٣١٠: ((وممن حكاه عن جمهور أئمة الحديث والفقه والأصول شيخنا أبو سعيد العلائي في كتاب المراسيل، وهو قول الشّافعيّ، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، وغيرهم)). انظر: جامع مع التحصيل: ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>