للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحبُّ إليَّ من أَنْ أُدَلِّسَ (١).

وَلَمْ يَنْفَرِدْ شُعْبَةُ بِذمِّه، بَلْ شَارَكَهُ فِيهِ غَيْرُهُ (٢)، إلاّ أنَّه مَعَ تَقَدُّمِه زَادَ بِالمُبالغَةِ فِيهِ (٣).

(وَدُوْنَهُ) أي: دُوْنَ القسمِ الأَوَّلِ مِن أقسامِ التَّدلِيس، وَهُوَ ثانِي أَقْسَامِهِ:

(التدليسُ للشيوخِ)، وَهُوَ:

(أَنْ يَصِفَ) المُدلِّسُ (الشيخَ) الذي سَمِعَ ذَلِكَ الحَدِيْثَ مِنْهُ (بِمَا لا يُعْرفُ) أي يَشتَهِرُ (بِهِ) مِن اسمٍ، أَوْ كُنْيَةٍ، أَوْ لَقبٍ، أَوْ نِسبةٍ إلى قَبيلةٍ، أَوْ بلدةٍ، أَوْ صَنْعةٍ، أَوْ نحوِها، كي يُوعِّرَ مَعْرِفَةَ الطَّريقِ عَلَى السَّامِعِ مِنْهُ (٤).

فـ ((أَنْ)) بمدخولِهما خبرُ مُبتدإٍ مَحْذُوْفٍ، كَمَا تَقَرّرَ، أَوْ بيانٌ لِما قَبْلَها.

وَمِثَالُهُ: قولُ أبي بكرِ بنِ مجاهدٍ المُقْرِئِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أبي عَبْدِ اللهِ. يُرِيْدُ بِهِ الحافظَ عبدَ اللهِ بنَ أبي داودَ السِّجِسْتَانِيَّ.

قَالَ ابنُ الصَّلاحِ: ((وَفيهِ تَضْييعٌ للمَرْوِيِّ عَنْهُ)) (٥).

قَالَ النَّاظِمُ: وللمَرْوِيِّ أَيْضاً، بأنْ لا يتنبَّهَ لَهُ، فَيَصِيرُ بَعْضُ رواتِهِ (٦) مَجْهُوْلاً (٧).

(وَذَا) الفِعلُ (بمَقْصِدٍ) -بكسر المُهْمَلَة- أي: باختلافِ مَقْصِدِ حاملٍ لفاعلِه، عَلَيْهِ (يَخْتَلِفُ) حَالُه في الكَراهَةِ.

(فَشَرُّهُ) مَا كَانَ الوصْفُ بِمَا ذَكَرَ، إما (لِلضَّعْفِ) فِي المرويِّ عَنْهُ، لِتَضَمُّنِهِ الخيانةَ، والغِشَّ. وحُكْمُ مَنْ عُرِفَ بِهِ: أَنْ لا يقبلَ خبرُهُ. كَمَا نَقَلَهُ النَّاظِمُ عَنْ ابنِ الصَّباغِ (٨).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تقدمة الجرح والتعديل ١/ ١٧٣، وابن عدي في تقدمة الكامل ١/ ١٠٧، والخطيب البغدادي في الكفاية: (٥٠٨ ت، ٣٥٥ هـ‍).
(٢) انظر: فتح المغيث١/ ٢٠٨ فقد نقل الإمام السخاوي جملة من أقوال العلماء في ذم التّدليس.
(٣) انظر: محاسن الاصطلاح: ١٧٠، والنكت الوفية: ١٤٢/ أ.
(٤) انظر: معرفة أنواع علم الحديث: ١٨٦، والنكت الوفية: ١٤٣/ ب، ونكت الزّركشيّ ٢/ ٧٦.
(٥) معرفة أنواع علم الحديث: ١٩٠، وانظر: نكت الزّركشيّ ٢/ ٨.
(٦) في (ق): ((راويه)).
(٧) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٣١٣.
(٨) المصدر السابق ١/ ٣١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>