للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكلٍّ من قِسْمَيِ المنكرِ هُوَ بمعنى الشاذِّ أمثلةٌ:

فمثالُ الثَّانِي مِنْهُمَا: (نَحْوُ ((كُلُواْ البَلَحَ بِالتَّمْرِ))، الخَبَر) (١) وتمامُه: ((فإنَّ ابْنَ آدَمَ إذَا أكَلَهُ غَضِبَ الشَّيْطَانُ، وَقَالَ: عَاشَ ابْنُ آدَمَ حَتَّى أكَلَ الْجَدَيْدَ بالخَلَقِ! (٢))) (٣).

فهذا الحَدِيْثُ مُنْكَرٌ، كَمَا قَالَهُ النَّسائيُّ (٤)، وابنُ الصَّلاح (٥)، وغيرُهما، فإنَّ راويه أبا زُكَيْرٍ وَهُوَ يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسٍ البَصْرِيُّ، عَنْ هِشامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيهِ، عَنْ عائِشةَ تفرَّدَ بِهِ، وأخرجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي المتَابَعاتِ (٦)، غَيْرَ أنَّهُ لَمْ يبلُغْ رُتْبَةَ مَن يُحتملُ تفرُّدهُ.

ولأنَّ مَعناهُ رَكِيكٌ لا ينطبقُ عَلَى مَحاسنِ الشَّريعةِ؛ لأنَّ الشَّيطانَ لا يَغْضَبُ من مجرَّدِ حياةِ ابنِ آدمَ، بَلْ حياتُهُ مسلماً مطيعاً لله تَعَالَى.

ومثالُ الأَوَّل: نَحْوُ (مَالِكٍ) حَيْثُ (سَمَّى ابنَ عُثْمانَ) المعروفَ عِنْدَ غيرِهِ، بعَمْرٍو -بفتح العين- (عُمَرْ) بضمها -فِي روايتهِ- (٧) حديثَ: ((لا يَرِثُ المُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلاَ الْكَافِرُ


(١) في (ص): ((الخبز))
(٢) المثبت من النسخ وفي (م): ((مع الخلق))
(٣) موضوع، ذكره ابن الجوزي في الموضوعات ٣/ ٢٦، وأقره السيوطي في الللآلئ ٢/ ٢٤٣.
أخرجه ابن ماجه (٣٣٣٠)، والنسائي في الكبرى (٦٧٢٤)، وأبو يعلى (٤٣٩٩)، والعقيلي في الضعفاء ٤/ ٤٢٧، وابن حبان في المجروحين ٣/ ١٢٠، وابن عدي في الكامل ٧/ ٢٦٩٧، والحاكم في المستدرك ٤/ ٢١، وفي المعرفة: ١٠٠ - ١٠١، والخطيب في تاريخه ٥/ ٣٥٣، قال أبو حاتم والذهبي: ((منكر))، وكذلك استنكره العقيلي وابن عدي، وقال ابن حبان: ((وهذا الكلام لا أصل له من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)) وساقه ابن الجوزي في الموضوعات ٣/ ٢٥ - ٢٦، والسيوطي في اللآليء المصنوعة ٢/ ٢٤٣ - ٢٤٤، وذكر أن البلية فيه من أبي زكير يحيى بن محمد بن قيس المدني.
(٤) لم نجد كلام النسائي في المطبوع من السنن الكبرى، وهو في تحفة الأشراف ١٢/ ٢٢٤ (١٧٣٣٤)
(٥) معرفة أنواع علم الحديث: ٢٠٢ - ٢٠٣
(٦) انظر: معرفة أنواع علم الحديث: ٢٠٣، والمقنع ١/ ١٨٦، ومحاسن الاصطلاح: ١٨١، والتقييد والايضاح: ١٠٩، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال: ٤٢٨.
(٧) في (ص): ((رواية)).

<<  <  ج: ص:  >  >>