للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثمانين سنة، وكانت جنازته مشهودة، صلّى عليه الشيخ شهاب الدين الذهبي ودفن خارج القاهرة (١) رحمه الله.

ولما تمتع به الحافظ العراقي في نفوس الناس، فقد توجع لفقده الْجَمِيْع، ومن صور ذلك التوجع أن العديد من محبيه قد رثاه بغرر القصائد، ومنها قول ابن الجزري (٢):

رحمة الله للعراقي تترى ... حافظ الأرض حبرها باتفاق

إنني مقسم أليَّة صدق ... لم يكن في البلاد مثل العراقي

ومنها قصيدة ابن حجر ومطلعها (٣):

مصاب لم ينفّس للخناق ... أصار الدمع جاراً للمآ قي

ومن غرر شعر ابن حجر في رثاء شيخه العراقي قوله في رائيته التي رثا بها شيخه البلقيني:

نعم ويا طول حزني ما حييت على ... عبد الرحيم فخري غير مقتصر (٤)

لهفي على حافظ العصر الذي اشتهرت ... أعلامه كاشتهار الشمس في الظهر

علم الحديث انقضى لَمَّا قضى ومضى ... والدهر يفجع بعد العين بالأثر

لَهفي على فَقْدِ شيخَيَّ اللذان هما ... أعزّ عِنديَ من سمعي ومن بصري

لَهْفِيْ على من حديثي عن كمالهما ... يحيي الرميم ويلهي الحي عن سمر

اثنانِ لَمْ يرتقِ النسران ما ارتقيا ... نسر السما إن يلح والأرض إن يطر

ذا شبه فرخ عقاب حجة صدقت ... وذا جهينة إن يسأل عن الخبر

لا ينقضي عجبي من وفق عمرهما ... العام كالعام حتى الشهر كالشهر

عاشا ثمانين عاما بعدها سنة ... وربع عام سوى نقص لمعتبر


(١) غاية النهاية ١/ ٣٨٢، وإنباء الغمر ٢/ ٢٧٧، ولحظ الالحاظ: ٢٣٥، والضوء اللامع ٤/ ١٧٧، وحسن المحاضرة ١/ ٣٦٠، والبدر الطالع ١/ ٣٥٦.
(٢) الضوء اللامع ٤/ ١٧٦.
(٣) انظر القصيدة كاملة في إنباء الغمر ٢/ ٢٧٨.
(٤) هكذا البيت في الأصل، وهو غير مستقيم الوزن.

<<  <  ج: ص:  >  >>