للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتمسكُهُم بِهِ مردودٌ؛ لأنَّ ذَلِكَ كَذِبٌ عَلَيْهِ فِي وَضْعِ الأحكامِ، فإنَّ المندوبَ مِنْها، وَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ الإخبارُ عَنِ اللهِ بالوعدِ عَلَى ذَلِكَ العملِ بالثوابِ.

ولأنَّ لفظةَ: ((ليُضِلَّ بِهِ النَّاسَ)) اتَّفَقَ الأئِمّةُ عَلَى ضَعْفِها.

وبتقديرِ قَبُولِها، فالّلامُ لَيْسَتْ للتَّعلِيلِ، ليكونَ لها مفهومٌ، بَلْ للعَاقِبةِ، كَمَا فِي قولِهِ تَعَالَى: {فَالتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ، لِيَكُوْنَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً} (١)؛ لأنَّهم لَمْ يلتقطوهُ لِذلِكَ.

أَوْ للتأكيدِ، كَمَا فِي قوله تَعَالَى (٢): {فَمَنْ أظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً ليُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ} (٣) إِذِ افتراؤُه الكذبَ عَلَى اللهِ محرَّمٌ مطلقاً، سَوَاءٌ أقَصَدَ بِهِ الإضلالَ أَمْ لا (٤)؟


=الأولى: تفرّده بهذه اللفظة المنكرة، وهي تخالف أصل الحديث المتواتر الذي رواه أكثر من ستين صحابياً بدونها
الثانية: أنّه معلول بالإرسال، فقد أخرجه البزار (كشف الأستار ٢٠٩)، والطحاوي في شرح المشكل (٤١٨)، وابن عدي في الكامل ١/ ٢٠، وابن الجوزي في الموضوعات ١/ ٩٧ من طريق يونس بن بكير، عن الأعمش، عن طلحة بن مصرّف، عن عمرو بن شرحبيل، عن ابن مسعود، به، موصولاً.
وأخرجه الطحاوي في شرح المشكل (٤١٩) من طريق أبي معاوية الضرير محمد بن خازم، عن الأعمش، عن طلحة بن مصرف، عن أبي عمار، عن عمرو بن شرحبيل، به، مرسلاً ليس فيه ابن مسعود.
الثالثة: أنه معلول بالانقطاع؛ فإن طلحة بن مصرف لَمْ يدرك عَمْرو بن شُرَحْبِيْل كَمَا نص عَلَيْهِ الطحاوي ١/ ٣٧١.
وقال الطحاوي ١/ ٣٧١: ((هذا حديث منكر))، وقال ابن عدي في الكامل ١/ ٢٠: ((هذا الحديث اختلفوا فيه على طلحة بن مصرف))، وقال ابن حجر في نكته ٢/ ٨٥٥: ((اتفق أئمة الحديث على أنّها زيادة ضعيفة)). ومن عجبٍ أن الهيثمي لما أورده في " كشف الأستار " (١/ ١١٤ حديث ٢٠٩) قال: ((قلت: أخرجته لقوله: ((ليضلّ به الناس)). لكنه لم يتنبّه إلى شيء من علل الحديث في المجمع ١/ ١٤٤ فقال: ((رجاله رجال الصحيح))، ومعلوم أنّ إطلاق الهيثمي هذا لا يستفاد منه صحة المتن، فكلامه هذا لا يجامع الصحة، فإنّ شروط الصحة عدالة الرواة وضبطهم والسلامة من الانقطاع والعلة وكثيراً ما يغترّ بعض من ينتحل العلم بمثل قول الهيثمي هذا فيقعون فيما لا تحمد عقباه، نسأل الله السلامة والسداد.
(١) القصص: ٨.
(٢) لم ترد في (م).
(٣) الأنعام: ١٤٤.
(٤) انظر: فتح المغيث ١/ ٢٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>