للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ ابنُ الجوزيِّ: الحديثُ المنكرُ يقشعرُّ مِنْهُ جلدُ طالبِ (١) العلمِ، ويَنْفُرُ مِنْهُ قلبُهُ فِي الغالبِ (٢).

وذلك بأنْ يحصُلَ-كَمَا قَالَ ابنُ دقيقِ العيدِ-للمُحَدِّثِ، لكَثْرةِ محاولةِ ألفاظِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - هَيْئَةٌ نفسانيةٌ، وَمَلَكَةٌ قويَّةٌ، يَعْرِفُ بها مَا يجوزُ أنْ يكونَ من ألفاظِ النُّبوَّةِ، وما لا يجوزُ (٣).

(قُلْتُ): وَقَدْ (اسْتَشْكَلاَ) (٤) ابنُ دقيقِ العيدِ (الثَّبَجِيُّ) (٥) - بمثلثةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ مفتوحتينِ - نِسْبةً إلى ثَبَجِ البحرِ بساحلِ يَنْبُعَ من الحجازِ (الْقَطعَ بِالْوَضعِ عَلَى مَا) أي: المرويِّ الذي (اعْتَرفَ الواضِعُ) فِيهِ عَلَى نفسِهِ بالوضعِ بمجردِ اعترافِه من غَيْرِ قرينةٍ مَعَهُ (٦).

(إِذْ قَدْ يَكْذِبُ) فِي اعترافِهِ لِقَصْدِ (٧) التنفيرِ عَنْ هَذَا المرويِّ، أَوْ لغيرِهِ، مما يُورِثُ ريبةً، وحينئذٍ، فالاحتياطُ أنْ لا يصرَّحَ بالوضعِ (٨).

(بَلَى نردُّهُ) أي: المرويَّ لاعترافِ راويهِ بما يفسِّقُه (وعَنْهُ نُضْرِبُ) -بضَمِّ النُّونِ- أي: نُعْرِضُ؛ فَلا نحتجُّ بِهِ، ولا نعملُ بِهِ مواخذةً لَهُ باعترافِهِ.


(١) في (ق): ((الطّالب)).
(٢) الموضوعات١/ ١٠٣، ونقل عنه السيوطي في التدريب١/ ٢٧٧: ((ما أحسن قول القائل: إذا رأيت الحديث يباين المعقول، أو يخالف المنقول، أو يناقض الأصول فاعلم أنّه موضوع))، وفي الموضوعات١/ ١٠٦: ((كل حديث رأيته يخالف المعقول، أو يناقض الأصول، فاعلم أنه موضوع فلا تتكلف اعتباره)).
(٣) الاقتراح: ٢٣١ - ٢٣٢.
(٤) قال البقاعي: ((لم يستشكل ابن دقيق الاعتماد لأن القطعيات لا تشترط في الحكم وإنّما بيّن الواقع في نفس الأمر وهو أنّه لا ملازمة بين الوضع في نفس الأمر والإخبار به، بل قد يكون موضوعاً، ولا يخبر به، وقد يخبر به، ولا يكون موضوعاً)). النكت الوفية ١٩٠/ أ.
(٥) قال العراقي في شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٤٣٣: ((وربما كان يكتب هذه النسبة في خطه؛ لأنه ولد بثبج البحر بساحل ينبع من الحجاز.)). انظر: مقدمة الاقتراح: ٣٣.
(٦) سقطت من (ق). وكلامه في الاقتراح: ٢٣٤.
(٧) في (ص): ((لقصده)).
(٨) انظر: فتح المغيث ١/ ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>