للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفرض نفسها نمطاً صوتياً يتحكم في صياغة البيت الشعري كلّه، الأمر الذي يفرض على الشاعر نهاية صوتية واجبة التحقيق، فضلاً عن الشكل الشعري الواجب أيضاً، لذلك كان في التقفية الداخلية التي استعملها الحافظ العراقي مجالاً للتخلص من هذا القيد-والذي لا تنكر قيمته الصوتية - لأن الدقة في التعبير العلمي مقدمة على الإبداع الصوتي وهذه التقفية التي حقّقت التوافق ما بين عروض البيت وضربه سهَّلت كثيراً حفظ البيت الشعري.

على أن الحافظ العراقي لم يكتفِ بكل ما أتاحه له بحر الرجز من جوازات ليفيد من مبدأ الضرورة الشعرية بشكل واسع جداً، حتى أصبحت الضرورة شيئاً ثابتاً في أبيات

" التبصرة "، وهذا يدلّل بشكل واضح على تمكن الحافظ وقدرته على الإفادة مما تتيحه اللغة من ضرورات وإن كان في تكرار بعضها في البيت الواحد ثقل كان يمكن تجاوزه، ومن أبرز الضرورات في نظم الحافظ:

١ - إدراج الهمزة، كقوله (٧٨) (١):

في البابِ غيرهُ فذَاكَ عِنْدَهْ ... مِنْ رأيٍ اقْوَى قَالَهُ ابنُ مَنْدَهْ

وقوله (١٣٩):

مَعْرِفَةُ الرَّاوي بالاخْذِ عَنْهُ ... وَقِيْلَ: كُلُّ مَا أتانا مِنْهُ

وقوله (١٥٣):

تَدْلِيْسُ الاسْنَادِ كَمَنْ يُسْقِطُ مَنْ ... حَدَّثَهُ، وَيَرْتَقِي بِـ (عَنْ) وَ (أنْ)

٢ - تسكين بعض الحروف المتحركة:

كقوله (٨٢):

كَمُسْنَدِ الطَّيَالِسيْ وَأَحْمَدَا

وقوله (١٦٢):

وَلِلْخَلِيْلِيْ مُفْرَدُ الرَّاوي فَقَطْ

٣ - قصر الممدود:

كقوله (١٣٦):

مِنْ دُلْسَةٍ رَاويْهِ، واللِّقَا عُلِمْ


(١) هذا الرقم يمثل تسلسل البيت في المتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>