للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذِباً عَلَيَّ، لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ)) (١).

(و) الإمامُ (السَّمْعَانِيْ أَبُو المظَفَّرِ يَرى فِي) الرَّاوِي (الجانِي بكَذِبٍ فِي خَبَرٍ) نبويٍّ (إسْقَاطَ مَالَهُ مِنَ الحَدِيْثِ) أي: مَا (قَدْ تَقَدَّمَا) لَهُ مَنَ الحَدِيْثِ (٢).

قَالَ ابنُ الصَّلاحِ: ((وَمَا ذَكَرهُ ابنُ السَّمْعَانِيِّ يُضاهِي، مِن حَيْثُ المَعْنَى، مَا ذَكَرَهُ الصَّيْرَفِيُّ)) (٣).

أي: لكونِ ردِّ حديثِهِ المستقبَل، إنَّما هُوَ لاحتمالِ كذبِهِ، وذلك جارٍ فِي حديثِهِ الماضي، وفُهِمَ بالأولى أنَّه لا يُقبَلُ حديثُهُ عِنْدَ ابنِ السَّمْعانيِّ فِي المستقبَلِ.

هَذَا وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي " شَرحِ مسلمٍ "، وغيرِهِ: ((وما ذَكرهُ هؤلاءِ الأئمةُ ضَعِيْفٌ مُخالِفٌ للقواعدِ، والمُختارُ: القطعُ بِصِحَّةِ توبتِهِ فِي هَذَا - أي فِي الكَذِبِ فِي الحَدِيْثِ- وَقَبُولِ رواياتِهِ بَعْدَها، وَقَدْ أَجْمَعوا عَلَى صِحةِ روايةِ مَنْ كَانَ كافِراً، فأَسْلَمَ.

قَالَ: وأَجْمَعُوا عَلَى قَبُولِ شَهادَتِهِ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ الشَّهادَةِ والروايةِ فِي هَذَا)) (٤).

وَمَا قالَهُ كُنْتُ مِلْتُ إِليهِ، ثُمَّ ظَهَرَ لي أنَّ الأوجهَ مَا قالَهُ الأئِمَّةُ، لما مَرَّ، ويؤيِّدُه قولُ أئمّتِنا: ((إنَّ الزانِيَ إذَا تابَ لا يعودُ محصناً، ولا يحدُّ قاذفُهُ)).

وأما إجماعُهم عَلَى صِحَّةِ رِوَايَةِ مَنْ كَانَ كَافِراً فأَسْلَمَ، فَلنصِّ القرآنِ عَلَى غُفرانِ مَا سَلَفَ مِنْهُ (٥).


(١) انظر: فتح المغيث ١/ ٣٦٨، والحديث أخرجه ابن أبي شيبة (٢٦٢٤٥)، وأحمد ٤/ ٢٤٥ و ٢٥٢ و ٢٥٥، والبخاري ٢/ ١٠٢ (١٢٩١)، ومسلم ١/ ٨ (٤)، والطحاوي في شرح المشكل (٤١٥)، والبيهقي ٤/ ٧٢، وابن الجوزي في مقدمة موضوعاته ١/ ٧٣ من طرق، عن سعيد به عبيد الطائي عن عليّ بن ربيعة، عن المغيرة بن شعبة، به.
(٢) قواطع الأدلة١/ ٣٢٤. قلنا: وقد حكاه الزركشي في البحر المحيط٤/ ٢٨٤عن الماوردي والروياني من الشافعية
(٣) معرفة أنواع علم الحديث: ٢٧٣.
(٤) شرح صحيح مسلم ١/ ٥٧، وانظر: الإرشاد ١/ ٣٠٧، والتقريب: ٩٥. وانظر: إجابة الزّركشيّ عنه في النكت٣/ ٤٠٥ - ٤٠٨.
(٥) كما في قوله تعالى: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف}. الأنفال: ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>