للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ عَبْدُ العزيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ? (١) وَقَدْ كَانَ أصابَتْ سُهَيْلاً عِلَّةٌ أذهبتْ بَعْضَ عقلِهِ، ونسيَ بَعْضَ حديثِهِ، فكانَ يحدِّثُ بِهِ عَمَّن سَمِعَهُ مِنْهُ (٢).

وَفائِدتُهُ: الإعلامُ بالمرويِّ، وكونُهُ (لَنْ يُضِيْعَهْ) مِنْ أضاعَ -إِذْ بتركِهِ لروايتِهِ يضيعُ.

وَقَدْ جمعَ جَمَاعَةٌ مِنَ الأئِمَّةِ أخبارَ مَنْ حدَّثَ ونَسِيَ، مِنْهُمْ: الدَّارَقُطْنِيُّ (٣) والخطيبُ (٤)

قَالَ: ولأجلِ أنَّ النِّسيانَ غَيْرُ مأمونٍ عَلَى الإنسانِ، فيبادرُ إلى جحودِ مَا رُوِيَ عَنْهُ، وتكذيبِ الرَّاوِي لَهُ، كَرِهَ مَنْ كَرِهَ منَ العُلَمَاءِ التحديثَ عَنْ الأحياءِ (٥)

(والشَّافِعيْ) -بالإسكانِ لما مَرَّ- قَدْ (نَهَى ابنَ عَبْدِ الحَكَمِ) مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ، حِيْنَ رَوَى حكايةً فأنكرَها (٦)، ثُمَّ ذَكَرَها عَلَى أنَّهُ (يَرْوِي عَنِ الحيِّ لخوفِ التُّهمِ)، بتقديرِ إنكارِ الشَّيْخِ.

وظاهرٌ أنَّ محلَّهُ إذَا كَانَ للمرويِّ طريقٌ آخرُ غيرُ طريقِ الحيِّ (٧) وإلاّ فَلا كَراهةَ: إِذْ قَدْ يموتُ الرَّاوِي قَبْلَ موتِ الشَّيْخِ (٨) فيضيعُ المروي إن لَمْ يحدِّثْ بِهِ غيرُهُ.


(١) في (ق): ((الداروردي)).
(٢) انظر: سنن أبي داود عقب (٣٦١٠) و (٣٦١١).
(٣) ذكره ابن حجر باسم: ((من حدّث ونسي)). نزهة النظر: ١٦٦
(٤) ذكره ابن الصّلاح باسم: ((أخبار من حدث ونسي))، وسمّاه الذهبي باسم: ((من حدّث ونسي)). انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث: ٢٧٨، والسير ١٨/ ٢٩٠.
(٥) الكفاية: (٢٢١ - ٢٢٢ ت، ١٣٩ هـ‍).
(٦) فقد قال الشّافعيّ لابن عبد الحكم: ((إياك والرواية عن الأحياء)). كذلك قال الشّعبيّ لابن عون: ((لا تحدث عن الأحياء))، وقال معمر لعبد الرزاق: ((إن قدرت ألا تحدّث عن رجلٍ حي فافعل)). انظر: مناقب الشّافعيّ للبيهقي٢/ ٣٨، والكفاية: (٢٢٢ - ٢٢٣ ت، ١٤٠ هـ‍)، والنكت الوفية: ٢٢٩/ أ.
(٧) قال السخاوي في فتح المغيث ١/ ٣٧٥: ((لكن قد قيد بعض المتأخرين الكراهة، بما إذا كان له طريق آخر سوى طريق الحي)).
(٨) في (م): ((شيخه)).

<<  <  ج: ص:  >  >>