للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَيْسَ) مَا ذكرَ مِنَ التَّفْصيلِ (بالوَاجبِ) عِنْدَهُم، (لَكِنْ رُضِيَا) أي: اسْتُحِبَّ لِلتَّمييزِ بَيْن أحوالِ التَّحمُّلِ (١).

وَمَحلُّه: إذَا عَلِمَ صُورةَ حَالِ الأخذِ عَنِ الشَّيخِ.

(وَ) أما إذَا وقعَ (الشَّكُّ في الأخذِ) عَنْهُ مِن لَفْظِهِ (أكانَ وَحْدَهْ)؟ فيأتي بـ: حَدَّثَني، (أَوْ) كَانَ (مَعْ) - بالإسكانِ - (سواهُ) فيأتي بـ: ((حَدَّثَنَا)).

(فَاعْتِبَارُ الوحْدهْ) أي: القولِ بِهِ (مُحْتَمَلٌ)؛ لأنَّ الأَصْلَ عدمُ غيرِهِ (٢).

وَكَذا لَوْ شَكَّ في أخْذِهِ عَنْهُ عَرْضاً أكانَ مِن قَبيلِ ((أَخْبَرَنَا))، لكونِهِ مَعَ غيرِه، أَوْ ((أَخْبرنِي))، لكونِهِ وَحْدَهُ؟، والأصلُ عدمُ غيرِهِ (٣).

لَكِنْ حَكى الخطيبُ (٤) عَنِ البَرقَاني، أنَّهُ كَانَ يَقُولُ في هَذَا: ((قَرَأْنا)).

قَالَ النَّاظِمُ (٥): ((وَهُوَ حَسَنٌ)).

لأنَّ سَمَاعَ نفسِه مُتَحَقِّقٌ، وقراءتَهُ شَاكٌّ فِيْهَا، والأَصْلُ عدمُها.

ولأنَّ إفرادَ الضَّميرِ يَقْتَضي قراءتَه بِنَفْسِه، وجمعَهُ يمكنُ حملُهُ عَلَى قراءةِ بعضِ مَنْ حَضَرَ السَّمَاعَ، بَلْ لَوْ تحقَّقَ أنَّ الَّذِي قرأَ غيرُهُ، فَلا بأسَ أَنْ يَقُولَ: ((قرأنا)).

قالَهُ: أَحْمَدُ بنُ صَالحٍ حِيْنَ سُئِلَ عَنْهُ (٦).

وَقَالَ النُّفَيْلِيُّ (٧): ((قرأنا عَلَى مالكٍ مَعَ أنَّه إنَّما قُرِئَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَسْمَعُ)). انتهى.


(١) كما صرح به الخطيب. انظر: الكفاية (٤٢٥ - ٤٢٨ ت، ٢٩٤ - ٢٩٦ هـ‍). وذكر ذلك السخاوي في فتح المغيث ٢/ ٤٤.
(٢) انظر: معرفة أنواع علم الحديث: ٣٠٤، والإرشاد ١/ ٣٥٧ - ٣٥٨، والمقنع ١/ ٣٠٤، والتقييد: ١٧٢، وفتح المغيث ٢/ ٤٥.
(٣) قال العراقي في شرح التبصرة ٢/ ١١٣: ((وفيه نظر؛ لأن قبيل أخبرني أن يكون هو الذي قرأ بنفسه على الشّيخ على ما ذكره ابن الصّلاح، وعلى هذا فهو يتحقق سماع نفسه، ويشك هل قرأ بنفسه أم لا؟ والأصل: أنّه لم يقرأ)) وانظر: النكت الوفية: ٢٤٩/ب.
(٤) الكفاية: (٤٣١ ت، ٣٠٠ هـ‍).
(٥) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ١١٤.
(٦) الكفاية: (٤٣٢ ت، ٣٠٠ هـ‍).
(٧) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>