للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمِثْلِهِ الإمَامُ (١) الشَّافِعِيُّ وأكْثَرُ أصْحابِهِ في الشَّهَادَةِ؛ لأنَّ بابَ الرِّوَايَةِ أوْسَعُ (٢).

(وإنْ يَغِبْ) كِتَابُهُ عَنْهُ، ولَوْ غَيْبَةً طَوِيْلَةً بإعَارَةٍ، أوْ غَيْرِهَا، ثُمَّ حَضَرَ (وغَلَبَتْ) عَلَى ظَنِّهِ (سَلاَمَتُهْ) مِنَ التَّغْيِيْرِ والتَّبْدِيْلِ، (جَازَتْ لَدَى) أي: عِنْدَ (جُمْهُورِهِمْ) أي: الْمُحَدِّثِيْنَ (رِوَايَتُهْ)؛ لأنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ كَمَا مَرَّ (٣).

قَالَ الخَطِيْبُ: وكَذَا الحُكْمُ فِيْمَنْ يَجِدُ سَمَاعَهُ في كِتابِ غَيْرِهِ (٤)، وغَيْرُ الجُمْهُورِ مَنَعَ ذَلِكَ؛ لاحْتِمالِ التَّغْيِيرِ (٥) في الغَيْبَةِ (٦).

(كَذَلِكَ الضَّرِيْرُ) أي: الأَعْمَى، (والأُمِّيُّ) أي: الَّذِي لا يَكْتُبُ، اللَّذَانِ (لا يَحْفَظَانِ) حَدِيْثَهُمَا مِنْ فَمِ مَنْ حَدَّثَهُمَا، تَصِحُّ رِوَايَتُهُمَا عِنْدَ الجُمْهُورِ، حَيْثُ (يَضْبِطُ) لَهُما (الْمَرْضِيُّ) الثِّقَةُ (مَا سَمِعَا) هُ يَحْفَظُ كُلٌّ منهما كِتَابَهُ عَنِ التَّغْييرِ، ولَوْ بِثِقَةٍ غَيْرِهِ، بِحَيْثُ يَغْلبُ عَلَى الظَّنِّ سَلاَمَتُهُ مِنَ التَّغِييرِ إلى انْتِهَاءِ الأدَاءِ (٧).

ومَنَعَ غَيْرُ الجُمْهُورِ ذَلِكَ لاحْتِمَالِ إدْخَالِ مَا لَيْسَ مِنْ سَمَاعِهِمَا عَلَيْهِمَا (٨)، (والخُلْفُ في الضَّرِيْرِ أقْوَى، وأوْلَى مِنْهُ في البَصِيْرِ) الأُمِّيِّ؛ لِخِفَّةِ الْمَحْذُورِ فِيْهِ.


(١) لم ترد في (ص) و (ق).
(٢) قال ابن كثير: ((وهذا يشبه ما إذا نسي الراوي سماعه، فإنه تجوز روايته عنه لمن سمعه منه، ولا يضر نسيانه، والله أعلم)). اختصار علوم الحديث ٢/ ٣٩٨.
(٣) انظر: معرفة أنواع علم الحديث: ٣٧١.
(٤) انظر: الكفاية: (٣٤٩ ت، ٢٣٦ هـ‍). وقال الخطيب: سألت القاضي أبا الطيب طاهر بن عبد الله الطبري عن رجل وجد سماعه في كتاب من شيخ قد سمي ونسب في الكتاب غير أنه لا يعرفه؟ فقال: لا يجوز له رواية ذلك الكتاب)). الكفاية: (٣٥٠ ت، ٢٣٧ هـ‍)، وانظر: فتح المغيث ٢/ ٢٠١.
(٥) في (ص) (م): ((ذلك التغيير)).
(٦) انظر: معرفة أنواع علم الحديث: ٣٧١.
(٧) انظر: الكفاية: (٣٣٨ ت، ٢٢٨ هـ‍)، ومعرفة أنواع علم الحديث: ٣٧٣.
(٨) قال الخطيب في الكفاية: (٣٣٩ ت، ٢٢٩ هـ‍): ((ونرى العلة التي لأجلها منعوا صحة السماع من الضرير البصير الأمي هي جواز الإدخال عليهما ما ليس من سماعهما)).

<<  <  ج: ص:  >  >>