للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أوْ) أجِزْهُ (إنْ أُتِمَّ) - بِضَمِّ أوَّلِهِ - إيْرَادُ الحَدِيْثِ مِنْهُ، أوْ مِنْ غَيْرِهِ مَرَّةً أُخْرى لِيُؤْمَنَ بِذَلِكَ مِنْ تَفْوِيْتِ حُكْمٍ أوْ نَحْوِهِ، وإلاَّ فَلاَ، وإنْ جَوَّزَ قَائِلُهُ الرِّوَايَةَ بالمَعْنَى، كَمَا قَالَهُ ابنُ الصَّلاَحِ (١)، وغَيْرُهُ (٢).

(أوْ) أجِزْهُ (لِعَالِمٍ) عَارِفٍ - وإنْ لَمْ يُجِزِ الرِّوَايَةَ بالمَعْنَى - لا لِغَيْرِهِ.

فَهَذِهِ أرْبَعَةُ أقْوَالٍ (٣).

(ومِزْ) أي: مَيِّزْ (ذَا) القَوْلَ الرَّابِعَ - وهوَ مَا عَلَيْهِ الجُمْهُوْرُ - عَنِ البَقِيَّةِ بِوَصْفِهِ (بالصَّحِيْحِ إنْ يَكُنْ مَا اخْتَصَرَهْ) بالحَذْفِ مِنَ المَتْنِ (مُنْفَصِلاً عَنِ) القَدَرِ (الَّذِي قَدْ ذَكَرَهْ) مِنْهُ، أي: غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بهِ تَعَلُّقاً يُخِلُّ حَذْفُهُ بالمَعْنَى؛ لأنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ خَبَرَيْنِ مُنْفَصِلَيْنِ.

أمَّا إذَا تَعَلَّقَ بهِ التَّعَلُّقَ المذْكُورَ، كالاسْتِثْنَاءِ، والغَايَةِ، والحَالِ، كَقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((لاَ يُبَاعُ الذَّهَبُ بالذَّهَبِ إلاَّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ)) (٤)، فَلاَ يَجُوزُ حَذْفُهُ بِلاَ خِلاَفٍ، كَمَا مَرَّ.

وَقَوْلُهُ: (أوْ لِعَالِمٍ) إلى آخِرِهِ، قَالَ شَيْخُنَا: ((يَنْبَغِي أنْ لاَ يَكُونَ قَوْلاً برَأْسِهِ، بلْ يُجْعَلُ شَرْطاً لِمَنْ أجَازَ، فإنَّ مَنْعَ غَيْرِ العَالِمِ مِنْ ذَلِكَ لا يُخَالِفُ فِيْهِ أحَدٌ)) (٥).

هَذَا كُلُّهُ في غَيْرِ المُتَّهَمِ. أمَّا المُتَّهَمُ فَيُمْنَعُ مِنْهُ، كَمَا قَالَ:

(ومَا لِذِي) أي: لِصَاحِبِ خَوْفٍ مِنْ تَطَرُّقِ (تُهْمَةٍ) إِلَيْهِ بالحَذْفِ (أنْ يَفْعَلَهْ) سَوَاءٌ رَوَاهُ ابْتِدَاءً ناقِصاً أمْ تَامّاً؛ لأنَّهُ إنْ رَوَاهُ تَامّاً بَعْدَ أنْ رَوَاهُ نَاقِصاً اتُّهِمَ بِزِيَادةِ مَا لَمْ


(١) انظر: معرفة أنواع علم الحديث: ٣٧٨.
(٢) انظر: الكفاية: (٢٩٠ ت، ١٩٠ هـ‍)، والبحر المحيط ٤/ ٣٦١.
(٣) انظر: الكفاية: (٢٨٩ - ٢٩٠ ت، ١٩٠ هـ‍)، ومعرفة أنواع علم الحديث: ٣٧٩، وشرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٢٦٩.
(٤) رواهُ الطيالسي (٢١٨١)، وعبد الرزاق (١٤٥٤٦)، والحميدي (٧٤٤)، وأحمد ٣/ ٩ و ٤٧، ومسلم ٥/ ٤٢ (١٥٨٤) (٧٧)، والطحاوي في شرح المشكل (٦١٠٧)، وفي شرح المعاني ٤/ ٦٧.
(٥) انظر: نزهة النظر: ١٢٨ - ١٢٩، ونسبه إلى الأكثرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>