للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ثُمَّ) بَعْدَ العلمِ بِمَا مَرَّ مِنَ التَّحرِّي في الأداءِ (عَلَى السَّامِعِ) مِن حِفْظِ الشَّيْخِ (بِالْمُذاكَرهْ) أي: فِيْهَا (بَيَانُه) بِحِكَايةِ الواقعِ، كأنْ يَقُوْلَ: ((حَدَّثَنَا فُلاَنٌ مذاكرةً))، أَوْ ((في الْمذاكرة))؛ لأنَّهُم يَتَسَاهَلُونَ فِيْهَا، والْحِفْظُ خوَّانٌ، فَفِيْها نَوْعُ وَهْنٍ.

وظاهرُ كلامِهِ كأصْلِهِ أَنَّ ذَلِكَ واجِبٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ مُسْتَحبٌّ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخَطيبُ (١)، وفعَلَهُ بدونِ بيانِهِ غَيْرُ واحِدٍ مِن متقدِّمِي الْعُلَمَاءِ (٢).

(كنوعِ) أي: كبيانِهِ فِيْمَا إِذَا سَمِعَ عَلَى نوعِ (وَهْنٍ) أي: ضَعفٍ آخرَ (خامَرَهْ) أي: خَالَطَهُ (٣) كأنْ سَمِعَ من غَيْرِ أصْلٍ، أَوْ كَانَ هُوَ أَوْ شيخُهُ يتحدَّثُ، أَوْ ينعسُ، أَوْ ينسخُ وقتَ السَّمَاعِ، أَوْ كَانَ سَمَاعُهُ، أَوْ سَمَاعُ شيخِهِ بقراءةِ لحَّانٍ، أَوْ مصحِّفٍ، أَوْ كتابةِ التَّسمِيعِ بِخَطِّ مَنْ فِيْهِ نظرٌ؛ إِذْ في تَرْكِ البيانِ نوعُ تدليسٍ.

(وَالْمَتْنُ عَنْ شَخْصَينِ)، وفي نسخةٍ عَنْ ((شَيخينِ)) مِن شيوخِهِ (٤)، أَوْ مِمَّنْ فوقَهُم (واحدٌ) مِنْهُمَا (جُرِحْ)، والآخرُ وُثِّقَ، كحَدِيْثٍ لأنسٍ يَرويهِ عَنْهُ - مَثلاً - ثابتُ البُنانيُّ، وأبانُ بنُ أَبِي عياشٍ، (لاَ يَحْسُنُ) مِنَ الرَّاوِي عَلَى وجهِ الاستحبابِ (الْحَذْفُ لَهُ) أي: لِلْمَجْروحِ وَهُوَ أبانُ، والاقتصارُ عَلَى ثابتٍ؛ لاحتمالِ أَنْ يَكُوْنَ فِيْهِ شيءٌ عَنْ (٥) أبانَ وحدِهِ، وحملَ الشَّيْخُ لفظَ أحدِهِما عَلَى الآخرِ.

(لَكِنْ يَصِحْ) ذَلِكَ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ - كَمَا قَالَ ابنُ الصَّلاَحِ (٦) - اتفاقُ الرِّوَايتينِ، وَمَا ذُكِرَ من الاحتمالِ نَادرٌ بعيدٌ، فإنَّهُ مِن الإدراجِ الَّذِي لا يَجوزُ تَعَمُّدُهُ.


(١) انظر: الجامع لأخلاق الرّاوي ٢/ ٣٧ عقب (١١١٣)، ونكت الزركشي ٣/ ٦٣٤.
(٢) نص عليه الخطيب في الجامع. انظر: ما سبق.
(٣) في (ص): بياض موضعها.
(٤) المثبت من (ع)، وفي (ص): ((عن شيخين عن شيوخه))، وفي (ق): ((من شخصين من
شيوخه)).
(٥) في (ق): ((عند)).
(٦) انظر: معرفة أنواع علم الحديث: ٤٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>