للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ: ((إنَّهُ الَّذِي يَحسنُ عِنْدِي من (١) طريقِ الأثرِ، والنَّظَرِ؛ لأنَّها انتهاءُ الكهولةِ، وَفِيْهَا مجتمعُ الأشُدِّ)) (٢).

قَالَ: (ولا بأسَ) بِهِ (لأربعينَا) عَاماً، أي: بَعْدَهَا. ((فَليسَ ذَلِكَ بِمُسْتَنْكَرٍ، لأنَّها حدُّ الاستواءِ، ومنتهى الكمالِ)) (٣).

(ورُدَّ) أي: رَدَّ عَلَيْهِ الْقَاضِي عِياضٌ ما قَالَهُ بأنَّ اسْتحسانَهُ هَذَا، لا تقومُ لَهُ حجةٌ بِمَا قَالَهُ.

قَالَ: ((وَكَم مِنَ السَّلَفِ الْمُتَقدمينَ، فمَنْ (٤) بَعْدَهُم مِنَ الْمُحَدِّثِيْنَ مَنْ لَمْ ينْتَهِ إِلَى هَذَا السنِّ، وَقَدْ نَشَرَ مِن العِلمِ، وَالْحَدِيْثِ مَا لا يُحْصَى، هَذَا عمرُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ تُوفِي وَلَمْ يُكْمِلِ الأرْبَعينَ، وسعيدُ بنُ جُبَيْرٍ لَمْ يبلغِ الْخَمْسينَ، وكذا إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ.

وهذا مَالِكٌ قَدْ جَلَسَ للناسِ ابنُ نَيِّفٍ وعشرينَ سَنة - وَقِيْلَ: ابنُ سبعَ عشرةَ - والناسُ متوافرونَ، وشُيوخُه - ربيعةُ، وابنُ شِهابٍ، وابنُ هُرْمُز، ونافِعٌ، وابنُ الْمُنْكَدرِ، وغيرُهُمْ - أحياءٌ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ ابنُ شِهابٍ حَدِيْثَ الْفُرَيْعَة أختِ أَبِي سعيدٍ الْخُدْرِيِّ.

ثُمَّ قَالَ: وكَذَلِكَ الشَّافِعِيُّ قَدْ أُخِذَ عَنْهُ العلمُ في سنِّ الْحَداثَةِ، وانتصَبَ لِذَلِكَ في (٥) آخرينَ مِنَ الأئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ (٦) والْمُتأخِّرِيْنَ)) (٧).

(و) لَكِنْ (الشَّيْخُ) ابنُ الصَّلاَحِ حَملَ كلامَ ابنِ خَلاّدٍ عَلَى محمَلٍ صَحِيْحٍ، حَيْثُ (بِغيرِ البارعِ) أي: الفائِقِ لأصْحابِهِ في العِلمِ، وغيرِهِ (خَصَّصَ) كلامَهُ.

فإنَّهُ قَالَ: ((وما ذكرَهُ ابنُ خلاّدٍ مَحْمُولٌ عَلَى أنَّهُ قَالَهُ فِيْمَنْ تَصَدَّى لِلتَّحْديثِ ابْتِدَاءً مِنْ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ براعةٍ في العلْمِ تعجَّلَتْ لَهُ قَبْلَ السِّنِّ الَّذِي ذكرَهُ، فهذا إنَّما يَنْبَغِي


(١) في (م): ((عن)).
(٢) انظر: المحدّث الفاصل: ٣٥٢ (٢٨٧).
(٣) انظر: المحدّث الفاصل: ٣٥٢ (٢٨٧).
(٤) كذا في جميع النسخ الخطية، وفي الإلماع: ((ومن)).
(٥) ((في)) هنا للمصاحبة بمعنى ((مَعَ)). مغني اللبيب ١/ ٢٢٣.
(٦) في (م): ((المتقديمن)).
(٧) الإلماع: ٢٠٠ - ٢٠٤، وانظر: معرفة أنواع علم الْحَدِيْث: ٤٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>