للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ؛ لجوازِ أنْ يَكُونَ إنَّما جَاءهُ وسَأَلَهُ؛ لأنَّهُ لَمْ يُصَدِّقْ رَسُولَهُ (١)، أوْ لأنَّهُ أرادَ الاسْتِثْبَاتَ لاَ العُلُوَّ.

(وَقَدْ فَضَّلَ بَعْضٌ) مِنْ أهلِ النَّظَرِ (النُّزُولَ) أي: طَلَبَهُ؛ إذْ عَلَى الرَّاوِي أنْ يَجْتَهِدَ في مَعْرِفَةِ جَرْحِ مَنْ يَرْوِي عَنْهُ، وتَعْدِيْلِهِ، والاجْتِهَادُ في أحْوَالِ رُواةِ النَّازِلِ أكْثَرُ، فَكَانَ الثَّوابُ فِيهِ أوْفَرَ (٢).

(وهْوَ) أي: هَذَا القَوْلُ (رَدّْ) أي: مَرْدُودٌ لِضَعْفِهِ، وضَعْفِ حُجَّتِهِ. قَالَ ابنُ دَقِيْقِ العِيْدِ: ((لأنَّ كَثْرَةَ المشَقَّةِ لَيْسَتْ مَطْلُوبَةً لِنَفْسِهَا)) (٣). قَالَ: ((ومُرَاعاةُ المَعْنَى المقْصُودِ مِنَ الرِّوَايَةِ - وَهُوَ الصِّحَّةُ - أولَى)) (٤).

وأَيَّدَهُ النَّاظِمُ بأَنَّهُ: ((بِمَثَابَةِ مَنْ يَقْصدُ المسْجِدَ لِصَلاةِ الجَمَاعَةِ، فَيَسْلُكُ طَرِيْقَةً بَعِيدَةً؛ لِتَكْثِيْرِ الخُطَا، وإنْ أدَّاهُ سُلُوكُها إلى فَواتِ الجَمَاعةِ التِي هِيَ المقْصُودُ (٥))).

وَذَلِكَ أنَّ المقْصُودَ مِنَ الحَدِيْثِ التَّوَصُّلُ إلى صِحَّتِهِ، وبُعْدُ الوَهَمِ، وكُلَّمَا كَثُرَ رِجَالُ الإسْنَادِ تَطَرَّقَ إليهِ احْتِمَالُ الخَطَأِ والخَلَلِ، وكُلَّمَا قَصرَ السَّنَدُ كَانَ أسْلَمَ، اللَّهُمَّ إلاَّ أنْ يَكُونَ رِجَالُ السَّنَدِ النَّازِلِ أوْثَقَ، أوْ أحْفَظَ، أوْ أفْقَهَ، أوْ نَحْوَ ذَلِكَ، كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ البابِ)) (٦).


(١) بعد هذا في (ق) و (ع): ((عما أخبر به)).
(٢) انظر: المحدّث الفاصل: ٢١٦، والجامع ١/ ١١٦، وفتح المغيث ٢/ ١٠.
(٣) الاقتراح: ٣٠٣.
(٤) المصدر السابق.
(٥) في (م): ((المقصودة))، وهو خلاف نص العراقي.
(٦) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٣٦١ - ٣٦٢، وانظر: فتح المغيث ٣/ ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>