اللهم انك تعلم أن الخضوع لغيرك والتملق لسواك فوق صيري وقاطع لظهري لا يبلغه وسعي ويضيق عنه ذرعي، فاغنني بك عما سواك يا رب العالمين. آمين آمين.
الفصل العاشر
في تراجم العلماء الذين تقلصت عنهم دنياهم
ولم يحظوا منها بطائل
وأقدم قبل الشروع في ذلك مقدمة:
قال القاضي في أخريات الشفاء ما ملخصه: أن من استشهد بأحوال الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم في الدنيا على طريق ضرب المثل والحجة لنفسه أو على التشبه بهم عند هضمة نالته أو غضاضة لحقته ليس على طريق التأسى والتحقيق بل على مقصد الترفيع لنفسه أو الهزل أو إعلاء في وصف، كقول القائل (أن كذبت فقد كذب الأنبياء) أو (صبرت فقد صبر أولو العزم) وكقول قائل:
فرّ من الخلد فاستجار بنا ... فصبر الله قلب رضوان
فحقه أن درئ عنه القتل الأدب والسجن وقوة تعزيره بحسب شنعه مقاله ومألوف عادته وقرينة كلامه أو خلاف ذلك، لأن كلامه وإن لم يتضمن سباً ولا غضاً فما وقر النبوة ولا أعطاها حقها.
وقال أيضا في إيراده حكاية ما ملخصه: أن حكاية الأقوال السديدة تدور بين الوجوب والاستحباب والمنع، فقد اجمع السلف والخلف من أئمة الهدى على حكايات مقالات الكفرة والملحدين في كتبهم ومجالسهم ليبينونها للناس وينقضوا شبهها عليهم، وحكى الله مقالات المفترين في كتابه على وجه الإنكار والوعيد عليها، وحكى الله مقالات المفترين في كتابه على وجه الإنكار والوعيد عليها، وكذلك الحكاية على وجه الشهادة والتعريف بقائله والإنكار والإعلام بقوله والتنفير عنه والتجريح له، فهذا دائر بين الوجوب والندب. وأما حكاية سبه صلى الله عليه وسلم والإزراء بمنصه على وجه الحكايات والأسمار ومضاحك المجان ونوادر السخفاء فكل ذلك ممنوع وبعضه أشد في المنبع، فما كان عن غير قصد أو غير عادة يكن من البشاعة حيث هو ولم يظهر استحسانه زجر ونهى عن العود إليه وان قوم ببعض الأدب