للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فو الله ما فارقتها على قلى لها ... واني بشطي جانبيها لعارف

ولكنها ضاقت علي بأسرها ... ولم تكن الأرزاق فيها تساعف

وكانت كخل كنت أهوى دنوه ... وأخلاقه تنأى به وتخالف

ثم توجه إلى مصر فحمل لواءها وملأ أرضها وسماءها وتناهت إليه الغرائب وانثالت عليه الرغائب، فمات في أول ما وصلها من أكلة اشتهاها فأكلها. زعموا إنه قال وهو يتقلب ونفسه تتصعد: لا الله إلا الله لما عشنا متنا. توفي سنة ٤٢٢.

[ابن مالك]

أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الأندلسي الجياني الملقب جمال الدين، صاحب التصانيف المبسوطة والمختصرة والنظم والنثر، شيخ النحاة في عصره والإمام في اللغة، كان كثير الأشغال والاشتغال، حتى إنه حفظ في اليوم الذي مات فيه خمسة شواهد. قال شارح التنبيه الشيخ أبو جعفر رفيق الأعمى نزيل حلب في ترجمته أول الشرح: خرج من الدنيا ولم يتعلق بأعراضها ولا قرطس سهمه في أغراضها. قلت: لقد أحسن الشيخ أبو جعفر رحمه الله العبارة عن الفلاكة، فإن قوله (خرج من الدنيا) إلى آخره هو والفلاكة عبارتان عن معنى واحد. توفي رحمه الله سنة ٦٧٢.

[النضر بن شميل]

الشاعر التميمي الماذني النحوي البصري، عالم بفنون من العلم، صاحب غريب الحديث والشعر، وهو من أصحاب الخليل. خرج النضر يريد خراسان لما ضاقت عليه البصرة بالمعيشة، فشيعه من أهل البصرة نحو ثلاثة آلاف رجل ما فيهم إلا محدث أو لغوي أو عروضي أو إخباري، فقال: يا أهل البصرة يعز علي فراقكم ولو وجدت كيلجة باقلى ما فارقتكم، فلم يكن فيهم أحد يتكلف ذلك. ودخل على المأمون في ثوب مرقوع فقال له: يا نضر ما هذا التقشف؟ فقال: ضيح ضعيف وحر شديد فأتبرد بهذه الحلقان. قال: لا ولكنك قشف. ثم تجاذبا الأحاديث إلى أن أدى بهما الحديث إلى السداد بمهنى البلغة وسد الثلمة، فأورده المأمون بفتح السين فرده النضر عليه وبين له أن المفتوح إنما هو

<<  <   >  >>