قط ولا تسري، وكان يستقي بجرة مكسورة ويلعب بالشطرنج حيثما وجده ويقف على المشعبذ وأصحاب النرود، ويستعير الكتاب فلا يعيده متعللا بضياعه بين كتبه، وكان مزاحا - وساق ابن النجار عنه من ذلك حكايات فمنها إنه قرأ عليه بعض المعلمين قول العجاج:
أطربا وأنت قنسري ... وإنما يأتي الصبا الصبي
فجعله الصبي بالياء فيهما فقال له: هذا عندك في المكتب فاستحى. ومنها إنه سأله بعض تلامذته فقال: القفا يمد أو يقصر؟ فقال: يمد ثم يقصر. ومنها إنه سأل بعض تلامذته: ما بك؟ فقال: فؤادي يوجعني. فقال: لو لم تهمزه ما وجعك. توفي سنة ٥٦٧.
[ابن بري]
أبو محمد عبد الله ابن أبي الوحش بن بري المقدسي، الإمام المشهور في علم النحو واللغة والرواية والدراية. كان علامة عصره وحافظ وقته ونادرة دهره، وله على كتاب الصحاح للجوهري حواش فائقة استدرك فيها عليه مواضع، كان عارفا بكتاب سيبويه، وكانت فيه غفلة ولا يتكلف في كلامه. ولا يتقيد بالإعراب بل يسترسل في حديثه كيفما اتفق. قال يوما لبعض تلاميذه: اشتر لي هندبا بعروقو. فقال له التلميذ: هندبا بعروقه، كلامه وقال: لا تأخذه إلا بعروقو وان لم يكن بعروقو فلا آكله. ومن غفلته إنه كان يدخل الحطب والبيض جميعا في كمه وعليه الثياب الفاخرة، وربما جاء إلى البيت فلم يجده مفتوحا فيرمى بالبيض من الطاق إلى داخل، ويضع العنب بين الحطب فيتفجر وينقط على رجليه فيقول: مطر والسماء صاحية. وقريب من حكاية رمي البيض ما نقل عن أبي علي الشلوبين إنه وقع من يده كراس في الماء وبقي معه آخر فجره به من الماء فتلفا جميعا. توفي سنة ٥٨٢.
[الباجي]
علاء الدين علي بن محمد بن عبد الرحمن المعروف بالباجي، الإمام في الأصلين والمنطق الفاضل فيما عداها من أذكياء الناس، قريحته لا تكاد تنقطع إلا إنه كان قليل