للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يدخله على عياله. وقد كان بى شقيقة منذ خمس وأربعين سنة ما أخبرت بها أحدا قط، ولي عشر سنين أبصر بفرد عين ما أخبرت به أحدا، أنفق على نفسه وعياله في بعض الرمضانات درهما وأربعة دوانيق ونصفا، وبعث إليه المعتضد بعشرة آلاف درهم فأبى أن يقبلها، فرجع الرسول يقول له: قال لك أمير المؤمنين فرقها على جيرانك. فقال: هذا شيء لا نجمعه ولا نفرقه إما أن يتركنا وأما أن نتحول من بلده. توفي لتسع بقين من ذي الحجة سنة ٢٨٤ وكغيرهم من العلماء والأولياء.

(ومنها) أنا لم نذكر أيضا من لم ينص على فقرة صريحا أو بلازم واضح، وكثيرا ما يقول المترجمون: (كان متقللا) ويقتصر عليه، فلا أذكره مع الظن بأنه من المستحقين للذكر في الفصل قبله، فمن ذلك:

[ابن الأنباري]

عبد الرحمن بن محمد بن الأنباري صاحب أسرار العربية والمصنفات التي تزيد

على مائة تصنيف، فانهم قالوا في ترجمته انقطع للعبادة والعلم صابرا على خشن العيش والتقلل منه. توفي سنه ٣٧٧.

[عزيزي]

ابن عبد الملك الشافعي المعروف بشيدله، صاحب مصارع العشاق، فإنهم قالوا في ترجمته: كان زاهدا متقللا من الدنيا. توفي سنة ٤٩٤.

[المبارك]

ابن محمد بن عبد الله السوادي الواسطي نزيل نيسابور، أحد أركان الفقهاء المكثرين الحافظين للمذهب القوى المناظرة، قالوا في ترجمته: كان متجملا قانعا باليسير.

ومع ذلك ما ذكرته وغيرهم ممن لم يتضح لي فقرة إلا بلازم ضعيف أو عبارة مجمجمة وسقط بذلك طائفة كبيرة.

(ومنها) أني لم أذكر إلا من صرح بفقرة أو بلازم فقره الجلي، أما من لم يصرح بفقره ولا بغناه ولا يسند إليه تولية منصب ولا تدريس بل ترجموه بالعلم وسيبوه فلم أذكره. وفيه بحث لأنه لا يلزم من عدم ذكر الفقر عدم الفقر، ولا يقال هو معارض بمثله لأنه لا يلزم من عدم ذكر الغنى عدم الغنى، لأنا نقول: لكن الترجيح معنا، لما أن المؤرخين بصدد ذكر كمالات المترجم، حتى أنهم يذكرون تداريس لا يعبأ بها في بعض التراجم، فلو كان الذكر لتوفر الداعية على نقله فلما لم يذكر علم إنه لم يقع وسقط بذلك طائفة كثيرة:

مثل (ابن الحاجب) أبي

<<  <   >  >>