للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨ - وفي مقابل الآيات التي تتحدث عن صفات الجيل الموعود بالنصر والتمكين، نجد أن هناك آيات تتحدث عن أسباب الهزيمة والخروج من دائرة المعية والتأييد الإلهي، ويُفهم من هذه الآيات ضرورة التخلي عن هذه الصفات لمن يريد النصر والتمكين ... منها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ? إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (التوبة:٣٨،٣٩).

فالتعلق بالدنيا من أخطر الأسباب التي تؤدي إلى الخروج من دائرة المعية والنُصرة الإلهية، ومن ثَّم فمن الضروري أن يكون الزهد في الدنيا وعدم التعلق بها من صفات الجيل الموعود.

- الصفات العشر:

فإذا ما أردنا أن نجمع الصفات التي دلت عليها الآيات السابقة لوجدناها:

١ - الإخلاص لله عز وجل.

٢ - محبة الله.

٣ - الخوف من الله.

٤ - العبادة.

٥ - التواضع.

٦ - الزهد في الدنيا.

٧ - الجهاد في سبيل الله.

٨ - الصبر والثبات.

٩ - المولاة والتآخي.

تبقى صفة عاشرة لها أهمية كبيرة وينبغي أن تتوفر في جيل التغيير ألا وهي صفة الوسطية والاعتدال ... هذه الصفة طالب الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم ومن معه بالتحقق بها وهم لا يزالون في مكة مطاردين ومضطهدين .. قال تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ? وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} (هود:١١٢، ١١٣).

فالطغيان يمثل التشدد، والركون يمثل التفريط والترخص، أما الاستقامة فهي بينهما، وبدونها يبتعد المؤمنون عن دائرة الولاية والنصرة الإلهية كما بينت الآيات.

- بين الفردية والجماعية:

الملاحظ في الصفات السابقة أن بعضًا منها يأخذ طابعًا فرديًا، بمعنى أنها تخص كل فرد على حدة وينبغي عليه أن يحققها في نفسه كالإخلاص لله وحبه والخوف منه، والبعض الآخر من الصفات يأخذ طابعًا جماعيًا بمعنى أنه لا يمكن تحقيقه إلا من خلال مجموع الأفراد بعضهم مع بعض كالإعداد والمؤاخاة، وهذا ما يؤكد عليه القرآن في خطابه الموجه للفئة المؤمنة، والذي نلحظ فيه أنه يخاطبهم بصيغة الجمع باعتبار أن العديد من الصفات الرئيسية لجيل التمكين لا يمكن تحقيقها إلا من خلال تكاتف الأفراد مع بعضهم البعض، وانصهارهم في بوتقة واحدة .. تأمل معي قوله تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (الحج:٤١). وقوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة:٧١).

- هل يمكن إضافة صفات أخرى؟!

<<  <   >  >>