للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تأمل أخي القارئ قوله صلى الله عليه وسلم: «فمن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، فإن هو همَّ بها فعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن همَّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو همَّ بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة». (١)

فإن كنت في شك من جوده وكرمه فماذا تقول في قوله صلى الله عليه وسلم: «من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حُطت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر». (٢)

وماذا تقول في قوله صلى الله عليه وسلم: «من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، عشرًا، كان كمن أعتق رقبة من ولد إسماعيل». (٣)

وغير ذلك من الأعمال المتاحة للجميع في أي وقت، والتي رتب الله على أدائها عظيم الثواب.

[من الأمير؟]

جعل الله عز وجل لكل عبد من عباده ملكان يحصيان عليه أعماله, مَلَك على اليمين يكتب الحسنات، وملك على الشمال يكتب السيئات، فمن هو الأمير الذي له الكلمة على الآخر؟!

يقول صلى الله عليه وسلم: «صاحب اليمين أمير على صاحب الشمال، فإذا عمل عبد حسنة كتبها بعشر أمثالها، فإذا عمل سيئة فأراد صاحب الشمال أن يكتبها قال له صاحب اليمين: أمسك، فيمسك ست ساعات، فإن استغفر منها لم يكتب عليه شيئًا، وإن لم يستغفر كُتبت عليه سيئة واحدة». (٤)

أأدركت أخي قدر المعاملة الكريمة التي يعاملنا الله بها؟!

[كريم في عطاياه]

هذا من ناحية الكرم في الجزاء، أما الكرم في العطاء والرزق فحِّدث ولا حرج .. انظر معي إلى أصناف الفواكه مثلا، ألم يكن يكفينا صنف أو صنفان يدُخلان السرور علينا، ونتمتع بلذيذ طعمها؟! ولكنه الكرم الإلهي الغير محدود الذي أتاح لنا هذه الأنواع الكثيرة كي نتمتع بها، بل إن الصنف الواحد له عدة صور، وقل مثل هذا على الخضروات والطيور والأسماك .. هذا مع العلم بأننا لم نعرف بعد كل أنواع هذه المأكولات.

بل العجيب أن هناك مخلوقات خلقها الله عز وجل لإشاعة البهجة في نفوسنا عند رؤيتها {وَأَنْزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ} [النمل: ٦٠].

[الهدايا المتنوعة]

لقد وصانا نبينا صلى الله عليه وسلم بالتهادي فيما بيننا ليزداد الحب، فالهدية لها تأثير عجيب في استمالة القلوب تجاه مُعطيها؛ قال صلى الله عليه وسلم «تهادوا تحابوا». (٥)

هذه الوسيلة العظيمة ذات الأثر المجرب في تنمية الحب يفعلها معنا ربنا باستمرار، فهداياه لا تنقطع عنا رغم إعراضنا الشديد عنه, يتحبب بها إلينا حتى نزداد له حبًا، وهو من هو .. هو الإله العظيم الذي خضعت له السماوات والأرض والجبال والبحار وكل شيء في هذا الكون .. هو الله الذي له ملكوت كل شيء.

هو الرب الغني الذي لا ينتظر من عباده طاعة تنفعه، ولا يخشى منهم معصية تضره- حاشاه- هذا الإله بجلاله وكماله وملكه العظيم يتودد ويتحبب إلينا بإرسال تحفه وهداياه كل حين, قال صلى الله عليه وسلم: «إن لربكم في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها، لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبدًا». (٦)


(١) رواه البخاري ح (٦٠١٠).
(٢) متفق عليه.
(٣) متفق عليه.
(٤) ضعيف، أورده الألباني، في السلسلة الضعيفة ح (٢٢٣٧).
(٥) حسن، رواه أبو يعلي في مسنده، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (٣٠٠٤).
(٦) رواه الطبراني في الأوسط والكبير، وأورده الهيثمي في مجمع الفوائد ١٠/ ٢٣٠.

<<  <   >  >>