للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الفرزدق: قال لي أبو هريرة: أنت الفرزدق؟ قلت: نعم. فقال: أنت الشاعر؟ قلت: نعم. فقال: أما إنك إن بقيت لقيت قومًا يقولون لا توبة لك، فإياك أن تقطع رجاءك من رحمة الله (١).

ومات لرجل ابن مسرف على نفسه، فلقيه عليّ بن الحسين فقال له: إن من وراء ابنك ثلاث خلال: أما أولها فشهادة أن لا إله إلا الله، وأما الثانية فشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما الثالثة فرحمة الله عز وجل التي وسعت كل شيء (٢).

* سادسًا: الإلحاح على الله بأن يرزقنا حبه

علينا أن نسأل الله عز وجل ونلح عليه بأن يرزقنا حبه، مثل ما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن دعائه قوله: «اللهم إني اسألك حبك، وحب من أحبك، وحب عمل يقربني إلى حبك. اللهم اجعل حبك أحب إليَّ من نفسي ومالي وأهلي ومن الماء البارد على الظمأ».

وقوله: «اللهم اجعل حبك أحب الأشياء إليَّ، وخشيتك أخوف الأشياء عندي، واقطع عني حاجات الدنيا بالشوق إلى لقائك، وإذا أقررت أعين أهل الدنيا من دنياهم فأقرر عيني في عبادتك».

واعلم أخي أن الله عز وجل لا يرد سائلا عن بابه، فلو رأى منا صدقًا في طلب محبته لرزقنا إياها، وفتح لنا باب الأنس به والشوق إليه.

ونختم الحديث بأثر رواه الجنيد بإسناده عن صالح بن مسمار قال: بلغنا أن الله عز وجل أرسل إلى سليمان بن داود عليه السلام بعد موت أبيه داود ملكًا من الملائكة فقال له الملك: إن ربي عز وجل أرسلني إليك لتسأله حاجة.

قال سليمان: فإني أسال ربي أن يجعل قلبي يحبه كما كان قلب أبي داود يحبه، وأسال الله أن يجعل قلبي يخشاه كما كان قلب أبي داود يخشاه.

فقال الرب تبارك وتعالى: «أرسلت إلى عبدي ليسألني حاجة فكانت حاجته إليَّ أن أجعل قلبه يحبني، وأجعل قلبه يخشاني، وعزتي لأكرمنه. فوهب له ملكًا لا ينبغي لأحد من بعده (٣)».

* * *


(١) حسن الظن بالله لابن أبي الدنيا ص ٦٩.
(٢) المصدر السابق.
(٣) المحبة لله سبحانه للجنيد خبر رقم (٧٩).

<<  <   >  >>