إن أولئك الصالحين - أو من نحسبهم كذلك - غفلوا أو أغفلوا أهمية أن يقرن القول بالعمل في هذه المسألة المهمة، بمعنى أنه لا يمنعه الانهماك المتواصل في التخطيط والإدارة أن يبذل شيئاً من جهده للالتفات إلى الناس ومعرفة كيفية الوصول إلى قلوبهم وعقولهم.
كيف يكون داعيةّ من لا يستطيع الحديث في المجالس، أو لا يجيد توجيه أحاديثها، أو أنه لا يغشى مجالس الناس أصلاً، ولا يتعب نفسه في المحاورة مع أهلها، ومجتمعنا المعاصر بحاجة ماسة إلى من يأخذ بيده ويجادل المعاند والضالَّ، ويشجع المتردِّد ويأخذ بيد المقدِم، وأزعم أن المقدم قد وجد من يأخذ بيده لكن الطوائف الأخرى لم تُسعد بعد ولم توجه لها الجهود الكافية.
إن دعاة اليوم لم يدربوا على هذا الأمر، ولم يفكروا فيه كما ينبغي، إلا طوائف قد نذرت نفسها لهذه القضية التبليغية، مغفلة ما سواها من قضايا مهمة كثيرة، فالتوازن المطلوب هو أن يكون الدعاة جامعين بين الدعوة العملية والإدارة النظرية، ولو أُغفل جانب وعُني بآخر لحصل النقص واتسع الخرق.
يقول الدكتور البوطي حفظه الله تعالى معبِّراً عن هذه القضية الشائكة: قضية تحقق الداعية باسمه، وعمله على مقتضى وصفه: