هناك إعداد ضخمة من المسلمين الصالحين اعتاد المجتمع على وصفهم بأنهم دعاة إلى الله تعالى، وقد يكون بعضهم قد حاز هذا اللقب الشريف حقاً، لكن أكثرهم لم ينله بعد، هم صالحون حَسنو النية والقصد، سليمو الفطرة، جميلو الفعال .. لكن الحديث عن الدعوة شيء آخر، والوصف بهذا اللقب الشريف يحتاج إلى تمهُّل وتريُّث؛ فالداعية إلى الله تعالى هو من يغْشَى المجتمعات، ويناقش ويجادل بالحسنى، ويعرض الحجج؛ ويبرهن على صحة قضيته وصواب عمله، ويجهد في ذلك كله، وهو مع ذلك يذكر بالله حالهُ ومقالهُ فعلى هذا أقرر أنه قد نال كثير من المسلمين درجة الصلاح، لكن أن يكونوا دعاة فتلك قضية أخرى.
وهناك فئة من الصالحين قد داروا في حلقة مفرغة من القضايا النظرية التي هي أقرب إلى الإجراءات الإدارية منها إلى الدعوة العملية، فهؤلاء قد قَصّروا في بلوغ منزلة الداعية إلى الله تعالى وإن كانوا في أعمالهم تلك على خير نرجو أن يكونوا فيه مأجورين مثابين، إن شاء الله تعالى، وهذا التقصير مردُّه إلى الطبيعة التي طُبع الصالح عليها لا إلى تعمده إغفالَ الخلطة المحمودة لطوائف المسلمين وإرشادهم عملياً والأخذ بأيديهم دائماً وعليها أحياناً.