أن ينتظر توجيه الآخرين وإرشادهم؛ فليس من أحد يحسن إدراك المنفعة أكثر من محتاجها، وليس الفاقد للشيء - عادة- بمنتظر نصيحة الواجد له، ولكن العجز والتواني هو السبب الظاهر والعامل القاهر، والله المرجو أن يبصر ويهدي إلى كل عمل صالح ومُرْضٍ.
ما الذي ينبغي صنيعه إذاً على ضوء ذلك الكلام المتقدم؟
ينبغي على المسلم - والله أعلم - أن يجمع بين الصلاح الذاتي وبين الدعوة العملية وبين القضايا الإدارية، على وجه يتيح له أن يسير في ركاب الأنبياء والصالحين الذين ساروا هذه السيرة قبله ودرجوا على الطريق وأوضحوا معالمه، فنبينا - صلى الله عليه وسلم - كان القدوة والمثل في الصلاح الذاتي، وكانت القضايا النظرية التي يدارسها المجتمع المسلم آنذاك منوطة به، فهو المؤصِّل لها والضابط، وكان - أيضاً - صلى الله عليه وسلم - القدوة العظمى في مسائل الخلطة والدعوة العلمية، الأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصر، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يغشى القبائل، ويحضر تجمعات قريش، ويناقش المعاندين ويجادلهم بالحجة الواضحة، وحدِّث ما شئت عن دعوته اليهود والمنافقين في المدينة، ويقوم بكل واجبات الدعوة على المثال المرغوب المطلوب.