للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأكيد مقارنًا لعقد الزواج، ثم وجد الفعل الذي يصدق النية وهو الطلاق. فكيف بعد ما تقدم يقال: إن النية المضمرة في القلب إذا لم يتلفظ بها لا تؤثر على صحة النكاح، أليست النية التي وجد الفعل بعدها أبلغ من التلفظ بها؟

الدليل الخامس:

ومن أدلتهم: أن في الزواج بنية الطلاق فوائد كثيرة منها: تحصيل النسل، وقضاء الوطر، وتكثير الأمة، وتحقيق مباهاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الزواج.

والجواب عنه:

نقول: ليست كلها موجودة في مثل هذا الزواج غالبًا، نعم ... بالنسبة لقضاء الوطر فهو موجود، ولكن ليس ذلك المقصد الأساس من مشروعية النكاح؛ بل هو منها. وأما بالنسبة لكثرة النسل ومباهاة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فإن الذي نعرفه أن المتزوج بنية الطلاق لا يريد بزواجه أولادًا ولا يرغب فيهم؛ بل قد يستعمل الأسباب التي تمنع حصول الولد؛ بل قصده إشباع رغبته لا أكثر، ولو وجد له ولد فإنه ربما يكون الكره له من أبيه، وربما يتبرأ منه، فكان مصيره الضياع والتشرد؛ لأنه جاءه عن غير رغبة. فكيف إذًا يحصل تكثير الأمة، وتتحقق مباهاة النبي - صلى الله عليه وسلم - من زواج بُني على الغريزة الجنسية وقضاء الوطر فحسب؟ فكيف يكون هذا الزواج مثل زواج نوى فيه صاحبه من أول العقد الاستمرار والدوام، زواج دخل فيه صاحبه وقد وطن نفسه على دوام العشرة والوئام والمحبة، يترقب كل منهما ولدًا صالحًا يتحقق فيه جميع أماني كل زوج مسلم - والله أعلم.

<<  <   >  >>