أن الزواج بنية الطلاق سُّنّة أقرها النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه مع علمه أن بعض الصحابة يتزوجون بنية الطلاق، ولم ينكر عليهم، ولو كان غير مشروع لما سكت عن بيان الحكم وقت الحاجة.
الجواب:
قولهم إن الزواج بنية الطلاق سُّنّة أقرها الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ... إلخ. هذه دعوى تحتاج إلى دليل ثابت صحيح يدل عليه، فهل الدليل وجود الطلاق بين الصحابة رضوان الله عليهم؟ فوقوعه - أي الطلاق - بينهم وبين المسلمين إلى قيام الساعة، حيث جاءت به شريعة الله في كتابه وعلى لسان رسوله وفعله، وإجماع المسلمين. فهل هذا يعتبر دليلاً على جواز الزواج بنية الطلاق؟
إن الصحابة رضي الله عنهم أقرب الناس إلى الكمال، فإذا تزوج أحدهم لا يكون همه خداعَ وغشَ الزوجة وأوليائها، ولا يكون همه إشباع رغبته الجنسية دون مبالاة بمقاصد الشريعة كالمودة والسكن وإحصان المرأة، وإغضاض طرفها وإسعادها وإسكانها على الدوام في بيت ترفرف فيه السعادة، وإنجاب الأولاد وتقوية روابط الأسر. وهل جاء خبر صحيح أو ضعيف يفيد أن الصحابة أو أحدًا منهم صرح بقوله إني تزوجت بنية الطلاق؟ فلا بد من تصريحه أو وجود ما يدل على ذلك مما يقوم مقام التصريح وأنه انتشر بين الصحابة حتى يقال: إن هذا مما علمه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأقره.
لأن النية في القلب لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، فلا نظن بهم هذا الظن ما دمنا نجد لعملهم محملاً طيبًا، وهو أن نقول إن وجود الطلاق أمر عارض وطارئ بعد العقد أو الدخول بالزوجة، لأسباب كثيرة كعدم وجود المودة، والرحمة، التي يجعلها الله بين الزوجين. وما أكثر