للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالجواب:

إن الخوف أمر مظنون، ثم هي مفسدة جزئية، ولكن الزواج بهذه النية متى فتح فيه الباب، ترتب عليه مفسدة أعظم، ومن ذلك وقوع الزنى، وحصول الردة، كما سبق أن ذكرنا ذلك (١)، فهل نجيز لفرد خوفًا عليه من مفسدة الزنى ونبيح مثل ذلك الزواج، فتحصل مفاسد عظيمة بسبب الذواقين؟!

فلعلك تقول: إننا حينما نجيز مثل هذا النكاح لا نجيزه لفرد خوفًا عليه من مفسدة الزنى؛ بل نجيزه كحكم شرعي لكل متزوج خوفًا على المجتمع من مفسدة الزنى.

قلت: إجازته للمجتمع أمر خطير، يترتب عليه ما قلناه من المفاسد، ومنها أنه ذريعة لتعطيل الزواج الشرعي، خوفًا من المسؤولية وغيرها.

ثم لم يتعين أن السبب الوحيد لعلاج هذه المشكلة هو الزواج بنية الطلاق، بل جعل الشارع وسائل كثيرة لذلك:

منها طلب العفة من الله تعالى، قال الله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: ٣٣].

ومنها الصيام، كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة، فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (٢).


(١) ذكرناه في ص١٩، ص٧٥.
(٢) رواه الجماعة، فرواه البخاري في كتاب النكاح، باب من لم يستطع الباءة فليصم رقم (٤٧٧٩) ٥/ ١٩٥٠، ومسلم في كتاب النكاح رقم (١٤٠٠) ٢/ ١٠١٨ كلاهما من طريق الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

<<  <   >  >>