اللهم عليه وعلى آله وصحبه الغُرّ الميامين، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
المرء في هذه الحياة مكلف بالعمل، وبتقصير الأمل، وانتظارِ الأجل على وجل، والحياة الدنيا مليئة بالمغريات الفاتنات، والمحبوباتِ الصارفات، والسفاسفِ الدنيّات، والشيطان متربص بالإنسان، ينتظر منه الغفلة حتى يصرفه إلى العصيان، وقد أقسم بعزة الرحمن الرحيم على أن ذلك منهجه لا يحيد عنه ولا يميل إلى يوم لقاء الملك الدّيان، وشياطين الإنس جاهدون في الإغواء عاملون على كل ما يورث الشقاء، في الدنيا والآخرة على السواء، فمتى يستقيم المرء مع هذا الحال، ومتى يجمع قلبه على مولاه ذي الجلال؟
في وسط هذا الخضم الهائج والبحر المائج يتذكر المرء مولاه فيقبل عليه مستعيناً متوكلاً، مناجياً وداعياً، مسبحاً ومثنياً، يستمسك منه بحبل متين، وصراط مستقيم، يسأله الرشد والثبات، والهدى والتقوى والرشادَ حتى الممات.
وهذه الرسالة وضعتها لأجل هذه المعاني العليّات، ولأبين جوانب مضيئات كريمات، في فزع النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة الكرام، ومن تبعهم من السلف العظام والخلق الكرام إلى يوم الناس هذا، في فزعهم إلى الله تبارك وتعالى بالثناء والتسبيح والتقديس،