للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سود الليال؛

وليخمد نوائر العامة فإنها أطير شرارا من النيران، وليزعهم بهيبة السلطان فإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. ونحن نوصيه أن لا يغلق بابا مفتوحا ولا يفتح بابا مغلقا، ولا يقتل عقربا يمكن كف شرها بالرقا؛ وليتتبع المفسدين لإقامة ما أمر الله من الحدود، وليراجع الشرع الشريف إذا أبهم عليه المقصود، وليتغافل عمن تستر بداره في جنح الليالي الأثائث، وليعقم نسل الخمر فإنها أم الخبائث، وليرق ما ظفر به من أجلابها، وليؤدب تجارها وبئس التجار ويبالغ في آدابها، ولينصب الأرصاد على من دخل من أبواب المدينة أو أتى البيوت من غير أبوابها، وكذلك أختها في مخامرة العقل، وشقيقتها في التأديب، إن لم يكن الحد لعدم النقل؛ وهي الحشيش التي يعرف آكلها دون الناس بعينه، وتقضيه من سكر المدام ما فاته من دينه، وتبدو صفراء في وجهه سوداء في جسمه خضراء في فمه حمراء في عينه، مثلما تجريه الضرب المبرح من دمه فإنها طالما حسنت لأهلها الشهوات، وأعطته طعم المر وهي نبات، طال ما طلبها هي وأختها الخمر إبليس واستدعاها، وأخرج بها لسوائمه الضالة ماءها ومرعاها؛ وليخلص من الحقوق ما رفع إليهن ويطالب به من مطل به وقد أوجبه الحق عليه، ولينتقد أرباب الزغل نقد الصيارف لزيفهم المردود، وليقم عليهم السياسة إذا لم تمض عليهم الحدود؛ وليتفقد الحبوس في كل حين، ويتعرف أحوالها ليعرف ما يفعله عن يقين؛ وليستعد لطوارئ المهمات، وعوادي الملمات، ولا يبيت كل ليلة إلا وهو متأهب لإطفاء كل نار، وإخماد كل لهب وأولها نار الفتن وما يطير فيها من شرار، وإن وقع والعياذ بالله حريق في قطر من أقطار المدينة يعجل إليه البدار، ويعجل بهدم أبنيته وهدم ما حوله حتى لا يؤخذ الجار بالجار؛ وليكن عنده من طوائف السقايين والقصارين من لا يجد في خوض الماء مشقه، ولا تطول عليه شقه، ولا يرى جدارا دبت في أحشائه النار إلا ويطفئ بما عنده من الماء ما عنده من الحرقة؛ والحذر ممن في بابه فإنه لا دواء لدائهم العضال، ولا استقامة لمن حاد منهم

<<  <   >  >>