وهو من بقايا الملوك الأيوبية، وممن تنظر إليه ملوك مصر بعين الإجلال لمكان ولائهم القديم لهم واستمرار الود الآن بينهم، وقد كان آخر وقت منهم الملك الصالح قصد الأبواب السلطانية، فلما أتى دمشق عقبه الأخبار بأن أخاه قد ساور سريره وقصد بسلطته سلطانه، فكر راجعا ولم يعقب؛ فما لبثت الأخبار أنجاءت بأنه حين صعد قلعته، وكر نحو سريره رجعته، وثب عليه أخوه المتوثب فقتله وسفك دمه، ثم أظهر عليه ندمه، وكتب إلى السلطان فأجيب بأجوبة دالة على عدم القبول لأعذاره؛ (ولبس وده على دخلة) والسرائر مكدرة، والخواطر بعضها من بعض منفرة.
ورسم المكاتبة إليه: أدام الله نعمة المجلس العالي، الملكي، الفلاني (بالألقاب الملوكية) الأجلي، العالمي العادلي، المجاهدي، المؤيدي، المرابطي، المثاغري، الأوحدي، الأصيلي، الفلاني (باللقب المتعارف) عز الإسلام والمسلمين، بقية الملوك والسلاطين، نصرة الغزاة والمجاهدين، زعيم جيوش الموحدين، شرف الدول، ذخر المماليك، خليل أمير المؤمنين. (وربما قيل: عضد أمير المؤمنين إذا صغر).
دعاء وصدر: واستعاد به من الدهر من عهود سلفه ما تسلف، وحاز له من مواريث الملك أكثر مما خلى له أوله وما خلف، وحط للرحال في حصن كيفا به