للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معها سلوك الوحول، ولا يحصل منها إلا على حوالات المحال إذا حصلت هي على حقيقة الوصول؛ تتباعد منها خطى وهي مثل أختها، وتتدانى منها شبها وإنما فضلت عليها البخاتي باستحقاقها لا ببختها.

[النوع الثاني: في جليل الوحوش، سباعه وغير سباعه]

في الأسد: وإذا بغابة تزأر أسودها، وتجأر منها حمر المنايا وسودها؛ قد دميت براثنا، وعطفت مثل الأثافي محاجنها؛ وتلظت كبودها الحرار، وأمن معها الاغترار؛ قد دارت حماليق حدقها، وظهرت عليها أماير حنقها؛ ولوت أذنابها وأقعت، وأعجلت الواصف أن ينعت؛ كأنما سربلت بالدماء، واقتطعت ذلك الغاب دون أسد السماء؛ لا تتباطأ المنايا عن وثباتها السراع، ولا يبعد مدى الآجال وليس بينها وبينه إلا قدر ذراع؛ لو نزل به العوام لأنكر نسبه في بني الأسد، أو أبو القرى لرأى ادعاء أبوته رأيا فسد؛ قد وقفت تحامي عن تلك الفريسة، وتمنع كل ضرغام منها أن يدخل خيسه؛ فخاف كل واحد تلك الغابة ومن دونها الكئيب الفرد، وصار إذا ذكر له الورد عطس قبل أن يشمه منذ قيل: الأسد الورد.

في النمر: ووثب من تحت أكمة هناك نمر ما يدعى مثله لقاسط، ولا يتمطر مثله لقانط؛ قد سمر إهابه، ووقف وهو يوهم أنه يريد ذهابه؛ قد راب لونه المنمر، وعاب كل كلف برقة

الخصر لما رأى خصره المزنر، لا يرجى خير لديه، ولا يطمع خفيف الجري بالفرار من بين يديه؛ لو شاء أن يثب الجبل لوثب، أو يكسر الصخر الأصم وسمع حسا لقيل وجب؛ لا ينفع منه حذار، ولا يحول بينه وبين غنيمته من

<<  <   >  >>