كالسهام؛ في هيئة جبال وهي جمال، وتمايل دوحة فرعاء وهي في سرعة التنقل ظلال؛ لا تباري الرياح خفافها، ولا تمكن على الأرض من حافر الحر أخفافها؛ قد طويت طي الأنابيب، ووسمت الأرض ببدور حولها من
حوافر الخيل محاريب؛ ومعها برسم حمل الأثقال كل عبادي لو رآه عبدة ابن الطبيب لقصر عليه القول، أو الراعي لما انصرف بعده إلى الشول؛ أو زين به فناء ابن زبانة لم تلقه في النعم الغارب، أو حميت به رواحل امرئ القيس لما سمع قول العائب؛ يحمل الجمل منها ما لو حمل الجبل بعضه لتصدع، ويكابد جهد السرى لا يشكو ولا يتوجع؛ قد ألف بادية الأعراب فلا ينفك بين حل ومرتحل، ولا يبالي حيث شد راكبه وحل؛ قد طوى على الظماء أحشاءه، وذلل وما كان يعجزه عز الآباء لو شاءه؛ ومعه من العجم البخاتي ما يقطع الأرض بسار يساريك نزل معه النجم في أفقه، ويدك الصخرة في طرقه؛ ويغنى بحلي أوبار عما يضاهي به من الحلل، وتباهي به ذوات القباب الخشب ربات الكلل؛ عزت نفوسا، وطلعت من المشرق شموسا؛ وقصرت أيديها واشتدت زنودها، كأنما تهم بمواثبة عدو يكيدها؛ تنصب في أقطار الأرض كأنها الغيوم السواجم، وتقلد من أوبارها بأطواق زين البراجم؛ لا تمتد معها سوائم العرب، ولا تسري معها إذا مد السحاب رواق أنوائه وضرب؛ ولا يستطيع