وتترفق ولا يعجزها مطلع سهيل؛ لا يلحقها ما يلحق الخيل من الزهو، ولا ترتاد إلا للجد لا للهو؛ ذلت سكينة كأنما سمعت إنذارا، أو قدمت أعذارا، وأناة كأنما تراقب في دوس الأرض حذارا، وتبلغ الأقصى ولا يبل لها الركض سالفا ولا عذرا.
في الحمر: وبعث إليه بحمار صعيدي، لا ينسب راكبه إلى كبرن ولا ينقص عما يتعالى إليه جياد الخيل إلا قدر شبر؛ ولم يزل على راكبه السكينة، وهو أحد الثلاثة التي نوه الله بذكرها في قوله:{والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة}؛ يبلغ عليه المدى البعيد، وييمم به الساري حيث شاء لأنه من الصعيد؛ مئونته خفيفة، ومقتنيه يسرجه ولا يجد عليه خيفة؛ وقد ركبت مثله الأنبياء، ولم يقتن غيره الأولياء؛ يؤمن منه النفار، وتقنعه النغبة من الجفار؛ لا يخشى راكبه بعد المهوى إذا سقط، ولا يعدم من محاسن البغال إلا عين الحاسد فقط؛ يحصل به ما يراد من الفرس في طول الأسفار، ويطمئن مودعه به إذا كان هو المثل فيما يحمل من الأسفار.
في الإبل: وهي نوعان: عجم وعراب؛ ثم العراب رواحل وجمال أثقال.
وقد أعددنا لبلوغ الغاية من الإبل ما اقتدنا به كل صعب، وحملنا عليه معنا كل صحب؛ وقدمنا منها سفائر ليل، وسفائن آل هي أقدر على قطع تياره من سوانح الخيل؛ واخترنا منها رواحل تطوي بها المراحل، وتساق سحبها التي هي كالإبل إلى البلد الماحل؛ وارتدنا منها كل طائر في الزمام، ضامر كالقسي يرمي بقتبه