في الصباح: وقد رقت تلك البكر، ووضحت تلك الغرر؛ وحسنت تلك الصبح المسفرة، وأصبحت بها الأيام ضاحكة مستبشرة؛ وقد أخذت مجامع الحسن تلك المبادي، وأولت بيض الأيادي؛ وجليت تلك السماء الفضية، وجليت تلك المرآة التي كانت من بقايا الليل صدية؛ ودبت حمرة الشفق في وجه النهار، وتوقدت جمرة الصباح إلا أنها من نور لا نار؛ وكان انفتاق الضوء في أخريات الليل مثل شجر ياسمين ينفض، وأقبل النهار في شبابه إلا أن شباب النهار أبيض؛ وباكر الصباح بالصبوح، ودفن الهموم والزق لديه مذبوح؛ وشرب على ماء ورد الشفق مثله من المدام، وجاهر النهار ولم يخش الملام.
في شدة الحر: وحمي وطيس الهجير، وقيد الراكب بحبل الشمس مثل الزنجير؛ وود الماشي على الأرض لو وقى قدمه بأم رأسه، والملتظي في ذلك الحر لو وصل الرياح بأنفاسه؛ كأن كل حصاة من جمره تتوقد، وكأن مدى ما بين كل خطوتين ما بين الأرض
والفرقد؛ شموسه السم المذاب، ونطفه العذاب العذاب؛ لا يتمسك له إلا بآل من آل، وذمته من شعلة رمل يشب لها ذبال؛ ألفح من نار العتاب، وأشد لظى في القلوب من فراق الأحباب.
في شدة البرد: واشتد البرد حتى أرق العظام ودقها، وفرق الأجسام وشقها؛