للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغيوم، وليأخذ بقلوب طائفته الذين خص من بينهم بالتقديم، وتفاوت بعد ما بينه وبينهم حتى صار يزيل عارض الرجل منهم النظرة منه ويأسو جراحه منه التكليم. وهذه الوصايا إنما ذكرت له على سبيل الذكرى، وفيه - بحمد الله - أضعافها ولهذا أوليناه - والحمد لله - شكرا. وقد جعلنا له أن يستنيب من يكون بمثل أوصافه أو قريبا من هذه المثابة؛ ومن يرضى به أن يحمل عنه الكل ويقاسمه ثوابه؛ وتقوى الله هي جماع الخير ولاسيما لصاحب هذه الوظيفة، ولمن وليها أصلا أو فرعا لا يستغني عنها رب حكم مطلق التصرف ولا خليفة.

ويزاد الشافعي:

وليعلم أنه صدر المجلس، وإنه أدنى القوم وإن كانوا أشباهه منا حيث نجلس، وأنه ذو الطيلسا الذي يخضع له رب كل سيف ويبلس، وليتحقق أنه إنما رفعه علمه وتقاه، وأن سببه دينه لا دنياه هو الذي رقاه؛ فليقدر حق هذه النعم، وليقف عند حد منصبه الذي يود لو اشترى سواد مداده بحمر النعم.

ويقال في وصيته:

وأمر دعاوى بيت المال المعمور، ومحاكماته التي فيها حق كل فرد من الجمهور؛ فليحترز في قضاياها غاية الاحتراز، وليعمل بما يقتضيه لها الحق من الصيانة والإحراز، ولا يقبل فيها كل بينة للوكيل عن المسلمين فيها مدفع، ولا يعمل فيها بمسألة ضعيفة يضن أنها ما تضر عند الله فإنها ما تنفع؛ وله حقوق فلا يجد من يسعى في تملك شيء منها بالباطل منه إلا الياس، ولا يلتفت إلى من رخص لنفسه وقال: (هو مال السلطان) فإنه ما لنا فيه إلا ما لواحد من الناس. وأموال الأيتام الذين حذر الله من أكل مالهم إلا بالمعروف لا بالشبهات، وقد مات آباؤهم ومنهم صغار لا يهتدون إلى غير الثدي للرضاع ومنهم حمل في بطون الأمهات؛ فليأمر المتحدثين لهم

<<  <   >  >>