للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سورها، وهتم ثغورها؛ وفجر حجارتها لا بالأنهار، وأضجر سيارتها وما غاب نهار؛ وأتت على البلد ومن فيه، وأتت على ما نطق به لسانها ملء فيه؛ وما هان أمرها وهو عنيد، ولا لان قلبها وهو حديد؛ ولا قصر باعها وهو طويل، ولا اختصر عنانها وهو مديد؛ من كل محكمة الترتيب، من كل محكمة الترتيب، محكمة التدريب، مبسوطة اليد تنادي السماء من مكان قريب؛ مفتولة الساعد، مقبولة المساعد؛ يتحرك لسانها كأنها تعاتب، ويتحرر سنانها كأنها قلم كاتب؛ لها فخذ كريم لا تلوي به على نسب، وحبل متين ولا يتمسك منه بسبب؛ قد أثبتت في مستنقع الموت رجلها، وأنبتت في غابات القنا أصلها؛ وأصبحت كالرجال، لا يعرف ما في صناديقها المقفلة، وكالأعمال لا تخف كفاتها المثقلة؛ لا تكاثر في مجال، ولا تكابر أنها تلقف ما صنعوا من عصي وحبال؛ قد استلت كأنها عقاب، وامتدت كأنها سحاب؛ وهدرت كأنها رعود، واستترت كأنها خود؛ واضطرمت كأنها حريق، واضطربت كأنها طليق؛ وأطلت كأنها أجل، وولت كأنها وجل، وطلت دماء دبت في صفحات البذيات كأنها خجل؛ وأنت وغيرها الثاكل، وسغبت وفي الثغور الممضغ منها فضلة الآكل؛ فناجت تلك الشرفات

بما محى محاسنها، وتتبع في المكان مكامنها؛ وأرعدت فرائص الحجارة، وأخلت السور من النظارة؛ وولجت المدينة وولعت بمبانيها الهائلة ففرقت شملها، وبعقودها الطائلة فحلت نظمها وعجلت حلها؛ وألقت عن المدينة نطاق السور، وفكت عن الجيد عقد جيبه المزرور؛ ودخلت العساكر المنصورة إلى داخل المدينة هجما من كل مكان، ووثبا على آثار الثور كأنه ما كان؛ وملك البلد بمجموعه ورفعت به الأعلام، وسمعت به دعوة الإسلام؛ وتسنمت ذروة الأبراج للأذان، وتسلمت ولصانع المنجنيق اليد وله الإحسان.

في الزيارات: وشد من الزيارات كل ذات معجزة خارقة، ورجل دائسة في

<<  <   >  >>