وكأنه مركب يشق به البحر سباحة؛ لا يعرف ممتطي صهوته بعد المدى أو اقترب، ولا مرتقي ذروته متى طلع نجم أو غرب؛ قد حملت على البغال فهي تمور مورا، ويجوب بها الفلا لا تعرف نجدا ولا غورا؛ يصل السري وعينه لا تفارق الغرار، ولا يكلف يده مسك العنان ولا العذار.
في المحمل: وقدمت الركاب، ورفعت تلك القباب؛ وحدا بها الحادي، وطار بها إذا أطربها بجانب الوادي؛ فتراقصت البخت بتلك القباب حتى مالت عذبها، ومادت على تلك التلاع الشوارف كسبها؛ وأضحت تسأل لديها الذمم، وأمست الريح كالغيرى تجاذبها فصول الريط واللمم؛ وشدت على مطا الطايا منها بروج مشيدة، وكسيت أحسن الملابس لما كانت معنا مجردة.
في الخيام: ونصبت له من الخيم في كل أرض دار محلال، وشيدت أفنية تتفيأ لها ظلال؛ قد سدت الأطناب عمدها، وكأن وتد السماء عامود ووتد الأرض وتدها؛ وأقلت قمرا واستقلت فلكا، وسمت سماء تحوي ملكا؛ وبني منها من الخيام كل رفيع، وكل بيت بني على الأسباب والأوتاد ولم يدركه التقطيع؛ فوسعت الأرض تلك الأفنية؛ وأربت عن جملة السماء تلك الأبنية؛ وأصبح بينما تزاح أعذارها للمقام تزال، وأهلها لا يستقر بهم وطن ولا دار كأنهم فوق متن الريح نزال؛ فأحسنت في صحابتها، وأمطرت لا نوء دون سحابتها؛ ولم يزل حولها موارد هيام، وحيث نصبت قيل: سقيت الغيث أيتها الخيام.