لعنترة خياله لم يذكر لبان أدهمه، أو رأى البدر غرته لزرر في الليل جيبه على درهمه؛ إذا بلغ قبل ارتداد الطرف مداه كان قد اقتصر، وإذا قصر به أمد السرور زيد فيه سواد القلب والبصر.
ومن كميت، كم حي على تمني مثله كميت؛ وقد أسجف سواد الليل ذيل شفقه، وذر فتيت المسك على ورد ألقه؛ وخرط كالعقيقه، ورخص بملأ العليقه، وأشبه الروض فإن لم يكنه كان شقيقه.
ومن أشقر أغر كأنه قبس يتلهب؛ وقد قيد بحجولة لئلا يذهب؛ كأنما سلب البرق رداءه الموشع، ووقفت له الشمس كما وقفت ليوشع؛ وقر له كل سابق بأنه مسبوق، وأذعن له في الميدان لما جاء وعليه أثر الخلوق؛ - يجنب إلى جانبه شقراء طارت من زندة شراره، وأتت ما بين شقيقه وبهاره؛ لا يدانيها جواد ليس معها يدان، ولا يباريها إذا قيل له: هذه الشقراء وهذه الميدان.
ومن أصفر حبشي كأنما علق سبج بديناره، أو امتد خيط من الليف في أصيل نهاره؛ لا يفوته ما أراد من التحصيل، ولا ينكر له إذا كان كريما وهو أصيل.