في نهر جار: فطنب بجانب نهر يتلوى أرقمه، ويمر النسيم على ديباجه الساذج فيرقمه؛ يروع حصاه حالية العذارى؛ ويظهر صفاء باطنه لظاهره اعتذارا؛ كأنما ذاب فرند في مائه، أو تفرى ليل عن سمائه؛ فجاء بدمع العين، وغسل حتى صدأ البين.
في غدر: وفي تلك الفيح غدران كأنها عشور في مصاحف، ووجوه حسان في بيض ملاحف؛ كل غدير منها كأنه درهم، وكل أتي كأنه يجمع أرقم؛ قد امتدت في ذلك الفضاء، وسالت في إنائها المصوغ من الذهب الأحمر بالفضة البيضاء؛ وقد صقلت عليها الرياح سوالفها، وتذكرت حولها فتية الحي مآلفها؛ وأرخت عليها الرياض خضر برودها، وحامت النفوس الظماء منها على ورودها.
في منهل مورود: ووردنا منه نطفة زرقاء تروي الصدي، وتروي بأقرب سند حديث السحاب من طريق الندي؛ يرشف من حبابها مثل الثغور، ومن رضابها ما تقل به الخمور؛ قد نشرت منه شققا بيضاء وقصرتها الشمس، وحمتها مسافتها البعيدة من اللمس؛ تحدرت من غر طوال الذوائب، ونزلت على صفاء الأرض من صفو السحائب؛ وتولت الريح نفي قذاتها، ونفع شاربيها بدفع أذاتها؛ فكانت مثل صفاء الدمعة، ورقة الشمعة، وثياب أهل
الإيمان البيض يوم الجمعة.
في ماء آجن: ولم تجد الإبل على تحرق أكبادها، وتخرق أكتادها، وامتداد لياليها وأيامها بأوامها، وذهاب مددها، بعطش كبدها، إلا ماء سار من حمأة