من تلك المدن المستزيرة، وطرد على نعاجهم الذئاب، وقهر عداهم وأسرع الإياب؛ وكانت تلك الكائنة التي أخذ فيها ابن عباد، وانقرض ملكه وباد.
وعادت النصارى تزأر عواديها، وتسأر الموت في كؤوس ساقيها، وأخذت عرائس تلك المدن مثل دار الخلافة قرطبة، والزهراء، والزاهرة، وإشبيلية، وبلنسية، وتلك الجبال الراسية والسفن المرسية؛ وكانت قد أخذت طليطلة، وهي القاعدة الأولى، والمملكة العضمى، والعقيلة الكبرى، وأم إقليم الأندلس، وتخت لذريق الملك، وأخذ الثغر الأعلى: سرقسطة، وطوي بساط تلك البسطة، واستعلت اليد الكافرة، واستعلنت الكلمة الظافرة، وحبس آخر من بقي من رمق المسلمين في شرق الأندلس نواحي أغرناطة والمرية، في بقعة كمفحص القطاة ضيقا، ومدرج النمل طريقا، وقد أناخ به كلكله، وأديم به توكله؛ إلا أن الله وعد دينه أن لا يخذل، وأن مصونه لا يبذل؛ وها هم الآن - وابن الأحمر، ملك المسلمين بالأندلس، آونة وآونة تارة محاربة وتارة مهادنة؛ إلا أن الله قد جرد لهم من السلطان أبي الحسن المريني - أعز