أن يكون من حبا يحبو، أي يدنو بعضه إلى بعض، وينضم، فإنه قد استعمل اسماً، فكأن ما فيه من معنى الفعل قد أزيل عنه، كما أن درا في قولهم: لله درك صار عند سيبويه بمنزلة قولهم: لله بلادك فلم يستعمل استعمال المصادر، فكذلك لا يستعمل هذا الاسم استعمال الصفات.
وإن شئت علقته بما في حبي من معنى الفعل، وإن كان على ما وصفت، ألا ترى أن الأربق والأبطح، وإن استعملا استعمال الأسماء، وكسرا تكسيرها، لم يخلع منهما معنى الوصف؛ بدلالة أنهم لم يصرفوهما، ولا نحوهما في النكرة، إذا لك يصرفوهما في النكرة، علمت أن معنى الصفة نقر فيهما، وإذا أقررت فيهما معنى الصفة، علقت الظرف والحال بهما.
عمران بن حطان:
يوماً يمانٍ إذا لاقيتُ ذا يمنٍ ... وإن أتيتُ معدِّيّاً فعدناني
المبتدأ محذوف، التقدير: يوماً أنا يمان، ولم يتعلق الظرف بقوله: يمان، ولكن حمل الكلام على المعنى، كأنه قال: أنتقل يوماً إذا لاقيت، فظرف الزمان متعلق بهذا المقدر.
ويلزم أن يقدر هذا التقدير، من وجهة آخر، وهو أنه جواب إذا، فكأنه قال: إذا لاقيت ذا يمن تنقلت إليه، كما أنه إذا قال: أنت ظالم إن فعلت، يصير التقدير: إن
فعلت ظلمت، وإذا متعلق بهذا الفعل الثاني المقدر، ولا يكون متعلقاً بيمان؛ لأن الظرفين من الزمان لايتعلقان بعامل إلا على طريق بدل أحدهما من الآخر، وليس ذا موضع بدل.