ما كان ضرَّك لو مننتَ ورُّبما ... منَّ الفتى وهو المغيظُ المحنقُ
فكما أنّ فاعلَ ضرّك في هذا البيت، في المعنى ما يعودُ إلى ما كذلك يكون قوله: ما ضرَّ تغلبَ وائلٍ: أيُّ شيءٍ ضرَّها. وهذا هو الوجهُ.
فإن قلت: فهل يجوزُ أن أجعلَ ما نفياً، في قوله: ما ضرَّ تغلبَ وائلٍ؟ فإنَّك إن جعلتها كذلك لم يكن للفعلِ فاعلٌ.
فإن قلت: أجعلُ الفاعلَ فيه أحد شيئين، أحدهما: أنَّي إذا قلتُ: ما ضرَّ، دلَّ الفعلُ على المصدر، فأجعلُ الفاعلَ ضميرَ المصدر، فيكون التقديرُ: ما ضرَّها ضرٌّ، أو ضيرٌ، لأنه بمعنى الضُّرِّ، وقد قال:(لا ضيرَ)، فأجعله بمنزلةِ: قيلَ فيه قولٌ، وذهبَ به مذهبٌ، ويكون قوله:
أهجوتها أم بلتَ حيث تناطحَ البحرانِ
اتِّصاله بالكلام على المعنى، كأنه يريد: هجوكَ لها وبولك في هذا المكان سواءٌ، في أنَّهما لا يضرُّانها، ويقوِّي ذلك أنه ليس باستفهام، ألا ترى أنه ليس يستفهمه عن ذلك، ومثل هذا في تأويل سيبويه، قولُ الشاعر:
فقلتُ تحمَّلْ فوق طوقك إنَّها ... مطبَّعةٌ من يأتها لا يضيرها