لتضمّنها معناه، وإغنائها عنه، كما لم يذكرَ بعد يا في النداء، ومن هنا أجازوا: أمّا يومَ الجمهة فإنّى خارجُ، ولم يجيزوا: أمّا زيداً فإنّى ضاربُ، لأنّ الحالَ والظّرف يعمل فيهما المعنى، ولا يعملُ في المفعول به، فصار العاملُ في الحال معنى الفعل، كما صار العاملُ بعد كأنّ معناه.
فأمّا تقديمهم ما يتعلق بما بعد الفاء، نحو: أما زيدُ فمنطلق، فلتحسين اللفظ، وإجرائهم إيّاه على ما سائرِ الكلام، ألا ترى أنّ العاطفة والمجازيةَ لا تليان إلاّ الأسماءَ المفردةَ، والجملَ، ولا تلى واحدةُ منهما الحرفَ، فقّدمَ ما قدّمَ، ممّا فصلَ بين أمّا والجزاء، لتحسين اللّفظ، كما أكّد الضّمير في نحو:(إنّه يراكمْ هو وقبيلهُ) لذلك،
فإذا كان كذلك، علمت أن الفاءَ محذوفة في قول الشاعر:
فأمّا القتالُ لا قتال لديكم ... ولكّن سيراً في عراضِ المواكبِ
فأمّا قوله تعالى:(وأمّا إن كان من أصحاب اليمين. فسلامُ لكَ من أصحاب اليمين)، فالفاءُ جواب أمّا، ولا تكون جوابَ الجزاء، ألا ترى أن