فأمَّا زالَ، على هذه الرواية، فتكون التي عينها واوٌ، من زوال يزول، فيصير بمنزلة قولهم: خرجتْ خوارجه، وما أشبه ذلك، ممَّا يفيد فيه الفاعل، الذي من لفظِ الفعل، زيادةً على إفادةِ الفعل.
ويجوز أن يكون من زال، التي عينها ياءٌ، وهو فعلٌ متعدٍّ إلى مفعولٍ. قال يعقوبُ: زلته فلم ينزلْ، كما تقول: مزتهُ فلم ينمزْ، فيكون المعنى: امازَ حركتها عنها، وفارقتها، وهو دعاءٌ بالهلاك، لأنَّ خركة الحيِّ إنما تبطلُ في أكثر الأمرِ، لموتٍ أو بليَّةٍ.
فأمَّا من قال: زالَ زوالها فنصب، فإنَّ فاعل زال المنتصب بعدها، زوالها لا يخلو من أحدِ ثلاثة أشياءَ: إمَّا ان يكون اسمَ الله عزّ وجلّ، او الهمَّ الذي في البيت، وهو قوله: من همِّها، أو الخيالَ المرادَ بقوله: ما بالها بالَّليل.
وموضع بالَّليل نصبٌ على الحال، والمعنى: ما بالها بالَّليل على خلاف رحلتها بالنَّهار، ومفارقتها لنا!
فالقولُ: أن فاعلَ زالَ الخيالُ، قول أبي عثمان، وهو قوله، فيما ذكرنها قبلُ: زال خيالها زوالها، كما تقول: إنما أنت شرب الإبلِ. يريدُ أنَّ المعنى: زال خيالها زوالاً مثل زوالها، كما أنَّ قولك: إنما أنت شربَ الإبل، تقديره: أنت تشربُ شرباً مثلَ شربِ الإبل.
وزال على هذا القولِ، التي عينها واوٌ.
وأمَّا كون فاعل زال الهمَّ، فهو قول أبي عمروٍ الشيبانيّ، وذلك أنه قال،